المحتويات
تشهد مراكز التسوق في المملكة العربية السعودية تحولًا لافتًا في طبيعتها ووظيفتها، لتتجاوز كونها مجرد أماكن للتسوق إلى أن تصبح وجهات لـ الترفيه التجاري في السعودية وتجريبية متكاملة، في مشهد يعكس تطور السوق السعودي ومواءمته مع متطلبات العصر، ومع ما تفرضه رؤية المملكة 2030 من أهداف طموحة لتعزيز السياحة والاقتصاد وتنويع مصادر الدخل – .
ويأتي هذا التحول المدروس في إطار استراتيجية شاملة لتطوير قطاع الترفيه التجاري في السعودية، وهو مفهوم يقوم على الدمج بين التسوق والتجربة الترفيهية، ليخلق بيئة تفاعلية غنية تجذب المستهلكين وتُبقيهم لفترات أطول، مما يعزز من الإنفاق ويزيد من فرص العائد على الاستثمار.

مراكز التسوق تتحول إلى منصات للحياة اليومية
لم تعد المراكز التجارية الكبرى تقتصر على المحلات والماركات العالمية فحسب، بل توسعت لتضم دور سينما، صالات ألعاب رقمية، مناطق مغلقة للأطفال، فعاليات فنية وثقافية، ومطاعم عالمية تقدم تجارب طهي حصرية، ما جعل هذه المراكز تتحول إلى محاور اجتماعية نابضة بالحياة، تلبي احتياجات جميع أفراد الأسرة ونشاطها هو الترفيه التجاري.
وتُشير التقديرات إلى أن نحو 40% من المساحات التجارية داخل المولات الحديثة مخصصة الآن للترفيه والأنشطة غير التجارية، ما يدل على وعي متزايد لدى المستثمرين والمطورين العقاريين بأهمية الترفيه كعامل جذب رئيسي.
الترفيه التجاري قطاع واعد يقود الإنفاق الاستهلاكي ويستقطب الاستثمارات العالمية
من المتوقع أن يتجاوز حجم سوق التجزئة في المملكة حاجز 100 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029، ويُعد قطاع الترفيه التجاري جزءًا محوريًا في هذا النمو، حيث يدعم جهود المملكة في تحفيز الإنفاق المحلي وجذب العلامات التجارية العالمية، لا سيما بعد السماح بالتملك الأجنبي الكامل في قطاع التجزئة.
وفي ظل النمو السكاني وارتفاع نسبة الشباب بين السكان، تُصبح السعودية سوقًا مثاليًا لتجارب التسوق التفاعلي، مما يدفع الشركات الكبرى إلى تطوير مشاريع مبتكرة تجمع بين التسوق، الطعام، الثقافة، والفن تحت نشاط الترفيه التجاري.

الترفيه التجاري والتوازن بين التجارة الإلكترونية والتجربة المادية
على الرغم من النمو السريع للتجارة الإلكترونية، ما تزال المولات التقليدية تحافظ على جاذبيتها بفضل قدرتها على تقديم تجربة حسية حية لا توفرها المنصات الرقمية.
ومع إدخال تقنيات مثل Click & Collect والتكامل بين القنوات المادية والرقمية، أصبحت مراكز التسوق في السعودية تتيح تجربة تسوق سلسة ومتعددة الوسائط.
هذا الدمج الذكي بين التسوق الواقعي والافتراضي يعزز من ولاء العملاء ويوسع قاعدة المستهلكين، ما يدفع بالمزيد من الشركات إلى الاستثمار في حلول رقمية داخل المولات تعزز من تجربة الزائر.
مواجهة التحديات بالتنوع والابتكار
ورغم الفرص الكبيرة، فإن هناك تحديات كامنة في السوق، مثل خطر تخمة المشاريع الكبرى، وهو ما يدفع إلى التفكير في استراتيجيات مبتكرة، من بينها تصميم مولات صغيرة موجهة للأحياء السكنية، تركز على القرب وسهولة الوصول، وتلبي الاحتياجات اليومية للسكان.
ويُجمع خبراء القطاع على أن التجربة الفريدة والمتنوعة هي المفتاح لتفادي التشبع والحفاظ على التميز في السوق، خاصة في ظل تسارع وتيرة التطوير العقاري وارتفاع توقعات العملاء.