عوامة ذكية.. في خطوة غير مسبوقة نحو حماية البيئة البحرية، أعلن المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي عن تشغيل أول عوامة ذكية في مياه الخليج العربي، تحديدًا في ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل، ضمن مشروع طموح يرمي إلى تشغيل 35 عوامة مماثلة على امتداد البحر الأحمر والخليج العربي خلال العام الجاري.
ثورة بيئية
هذه العوامة ليست مجرد قطعة عائمة في البحر، بل هي وحدة رصد بيئي متقدمة تعمل بالطاقة الشمسية، ومزودة بأجهزة استشعار تتابع المؤشرات الحيوية لمياه البحر، مثل درجة الحرارة، ونسبة الأكسجين، والملوحة، ومستويات التلوث الكيميائي، فإنها بمثابة “عين رقمية” ترصد التغيرات البيئية لحظة بلحظة، وتنقل البيانات عبر نظام اتصال لاسلكي مباشر إلى الجهات المعنية.
رصد بيئي بحري
بحسب أنور النهدي، المدير التنفيذي لعمليات الرصد في المركز، فإن المشروع بدأ بإطلاق أول عوامة في ميناء جدة الإسلامي، ثم تبعتها عوامات أخرى في ينبع وجيزان، وصولًا إلى مياه الخليج العربي، ومن المقرر أن يُستكمل تشغيل 35 عوامة بنهاية عام 2025، في أكبر عملية رصد بيئي بحري من نوعها في تاريخ المملكة.
الهدف من المشروع لا يقتصر على الرصد فقط، بل يتعداه إلى اتخاذ قرارات بيئية سريعة قائمة على البيانات الحية، مما يمكن الجهات المختصة من التعامل الفوري مع مصادر التلوث، لا سيما في ظل ما تشهده الموانئ السعودية من حركة ملاحية ضخمة، وأنشطة صناعية وتنموية قد تؤثر سلبًا على البيئة البحرية إذا لم تُراقب بدقة.
رؤية السعودية 2030
يشير النهدي إلى أن هذا البرنامج يعكس التزام المملكة الجاد بحماية النظم البيئية البحرية، لا سيما الشعاب المرجانية والثروات الطبيعية، وهو جزء من مسار متكامل لتحقيق الاستدامة البيئية كما نصت عليه رؤية السعودية 2030، كما لفت إلى أن المشروع ثمرة تعاون بين المركز الوطني وشركاء حكوميين، في نموذج يعكس التكامل المؤسسي في قضايا البيئة.
هذه العوامات الذكية، التي تبدو للوهلة الأولى كجهاز صغير على سطح البحر، تمثل أداة استراتيجية في معركة المملكة ضد التلوث البحري، حيث تمكن من رصد المخاطر في مهدها، وتوفير قاعدة بيانات بيئية دقيقة، تُسهم في تحسين التخطيط والاستجابة السريعة للأزمات.
ومع استكمال المشروع، يتوقع أن يتحول البحر الأحمر والخليج العربي إلى واحدة من أكثر البيئات البحرية خضوعًا للرقابة الذكية في المنطقة، مما يعزز من موقع المملكة كرائدة إقليمية في مجال الحماية البيئية البحرية.