المحتويات
في تحول غير متوقع وصادم، كشفت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية “جاكسا” عن حقيقة مروعة هذا العام، حيث سجلت القياسات الأخيرة تراجعًا حادًا في حجم الجليد القطبي في المحيط المتجمد الشمالي إلى أصغر حجم له منذ بدء القياسات في عام 1979.
هذه الحقيقة الصادمة تمثل انعكاسًا واضحًا لتأثيرات تغير المناخ التي تهدد كوكب الأرض بشكل متسارع.
وفقا للعلماء في الوكالة والمعهد الوطني الياباني للأبحاث القطبية، سجل القمر الاصطناعي الياباني “شيزوكو” رقماً قياسيًا جديدًا في تقليص غطاء الجليد، حيث أظهرت القياسات أن المساحة التي غطاها الجليد في القطب الشمالي في 20 مارس 2025 بلغت 13.79 مليون كم مربع. هذا الرقم يمثل أصغر مساحة على الإطلاق تم تسجيلها للغطاء الجليدي في هذه المنطقة منذ أكثر من أربعة عقود، بل هو أقل بمقدار 130 ألف كم مربع عن الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2017.
الصدمة الكبرى
إحصائيًا، يعد هذا الرقم هو الأصغر منذ بدء القياسات في عام 1979، ليكسر بذلك الرقم القياسي الذي سجل في 2017. وإذا كانت مساحة الجليد في عام 2017 قد بدأت تعكس انخفاضًا ملحوظًا مقارنة بعام 2012، فإن مساحات الجليد في 2025 قد وصلت إلى مستويات أدنى بشكل غير مسبوق. وفي مقارنة مع متوسط العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تبين أن مساحة الجليد في عام 2025 كانت أقل بمقدار 130 ألف كم مربع، مما يجعلها الأصغر على الإطلاق.
القلق يتزايد
هذا التراجع المفزع لا يعد مجرد أرقام، بل يحمل في طياته تحذيرات بيئية خطيرة. حيث أشار رئيس وكالة استكشاف الفضاء اليابانية، ياماكاوا هيروشي، إلى أن هذا التراجع الهائل في الجليد القطبي لا يعد مجرد تغير طفيف، بل هو نتيجة واضحة لتغير المناخ الذي يشهده كوكب الأرض. وأضاف هيروشي أن هذا الوضع قد يكون له تأثيرات كبيرة على الطقس في مناطق مختلفة من العالم، بالإضافة إلى البيئة البحرية التي تعتمد على الجليد القطبي كمكون أساسي في النظام البيئي.
كيف تؤثر هذه الظاهرة؟
هذا التغيير المثير يضع كوكبنا أمام مفترق طرق بيئي حاسم. فمع انحسار الجليد، تتغير مستويات المياه في المحيطات، مما يساهم في ارتفاع مستوى البحر ويزيد من احتمالية حدوث ظواهر مناخية قاسية. كما أن البيئة البحرية في هذه المناطق مهددة بشكل غير مسبوق، حيث يعتمد العديد من الكائنات البحرية على الجليد القطبي كمأوى أو مصيد غذائي.
وبهذه القياسات المثيرة، يتساءل العلماء والمتخصصون عن التأثيرات المستقبلية لهذه الظاهرة، وهل سيتجاوز التراجع في الجليد القطبي هذه الأرقام في السنوات القادمة؟ فالأرقام تتحدث عن واقع مناخي مخيف، وعلينا ككوكب أن نتعامل مع هذه التحديات بأقصى درجات الجدية.
ودراسة وكالة استكشاف الفضاء اليابانية “جاكسا” حول انخفاض حجم الجليد القطبي في المحيط المتجمد الشمالي تكشف عن صدمة بيئية عميقة تؤثر على كوكب الأرض بأسره. فما نتائج هذه الدراسة وما تأثيراتها؟ إليك أبرز التأثيرات التي قد تنجم عنها:
تسريع تأثيرات تغير المناخ
هذه الدراسة تؤكد ما كان يُخشى منه في السنوات الماضية: أن ظاهرة تغير المناخ تتسارع بشكل غير مسبوق. ففي حين كانت هناك تحذيرات علمية عن تأثيرات انحسار الجليد القطبي، فإن الأرقام الجديدة تُظهر أن هذا التغيير أصبح أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، انكماش الجليد بشكل غير مسبوق يعني أن الكوكب يواجه تحديات مناخية لم يكن في الحسبان أن تحدث بهذه السرعة.
من أبرز التأثيرات التي يمكن أن تترتب على انخفاض الجليد القطبي هو ارتفاع مستوى البحر. إذ أن الجليد الذي يذوب في القطب الشمالي يتسبب في زيادة كمية المياه في المحيطات.
على الرغم من أن الجليد العائم لا يسهم بشكل كبير في ارتفاع مستويات البحر عند ذوبانه (لأنه لا يؤثر في حجم الماء عند ذوبانه كما يفعل الجليد الذي يذوب على اليابسة)، إلا أن ذوبان الجليد البحري يعكس الضوء ويزيد من امتصاص الحرارة، ما يؤدي إلى تسارع ذوبان الجليد الأرضي في المناطق المجاورة.
تأثيرات بيئية على النظام البيئي البحري
العديد من الكائنات البحرية تعتمد على الجليد القطبي كمأوى وغذاء. على سبيل المثال، حيوانات مثل الدببة القطبية والفقمات تعتمد على الجليد للعيش والصيد. مع انحسار الجليد، قد تصبح هذه الكائنات في خطر كبير، ويؤثر ذلك على سلسلة الغذاء البحرية في تلك المناطق، مما يهدد التوازن البيئي.
التغيرات المناخية العالمية
انخفاض الجليد القطبي يمكن أن يكون له آثار عالمية على الطقس. ففي المناطق التي كانت تعتمد على الجليد القطبي لتبريد الأرض، قد ترتفع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى تغييرات في أنماط الرياح، وتغيرات في دورة المياه. على سبيل المثال، قد تتسبب درجات الحرارة المرتفعة في المحيطات القطبية في حدوث موجات حرارية غير متوقعة في مناطق أخرى حول العالم.
تحفيز البحث العلمي وزيادة الوعي العام
هذا الحدث يبرز ضرورة استمرار البحث العلمي في مجال تغير المناخ وأثره على البيئة. كما أن مثل هذه الدراسات ستؤدي إلى زيادة الوعي العام بأهمية حماية البيئة والحد من الانبعاثات الكربونية التي تسهم في الاحتباس الحراري. من الممكن أن يحفز هذا النوع من الأبحاث الحكومات والهيئات الدولية على تعزيز الجهود للحد من هذه الظاهرة.
التأثير الاقتصادي
الانخفاض في الجليد القطبي يمكن أن يؤثر على الصناعات المرتبطة بالقطب الشمالي، مثل الصيد البحري والأنشطة السياحية. قد يؤدي ذوبان الجليد إلى فتح طرق بحرية جديدة عبر القطب الشمالي، ما قد يعزز التجارة العالمية ولكن في الوقت نفسه قد يعرض البيئة البحرية لخطر التلوث والدمار.