سجّلت المملكة العربية السعودية إنجازًا عالميًا لافتًا في مسيرة التحول الرقمي، بعد أن حلّت في المرتبة الثانية عالميًا ضمن مؤشر نضج الحكومة الرقمية (GovTech Maturity Index – GTMI) لعام 2025، الصادر عن مجموعة البنك الدولي، وذلك من بين 197 دولة شملها التقييم. وأُعلنت نتائج المؤشر خلال مؤتمر صحفي عُقد في 18 ديسمبر الجاري، مؤكدةً المكانة المتقدمة التي باتت تحتلها المملكة في مجال الحكومة الرقمية.
إنجاز تاريخي للملكة
ووفقًا لتقرير البنك الدولي، فقد حققت المملكة أداءً استثنائيًا في جميع المحاور الفرعية للمؤشر، لتُصنَّف ضمن فئة الدول «المتقدمة جدًا»، محققة نسبة إجمالية بلغت (99.64%)، وهي من أعلى النسب المسجلة عالميًا. وشمل هذا التفوق مجالات البنية التحتية الرقمية، والأنظمة الحكومية الأساسية، وتقديم الخدمات الرقمية، والتفاعل الإلكتروني مع المواطنين والمستفيدين.
دعم القيادة وتكامل الجهود الحكومية
من جانبه، أكد معالي محافظ هيئة الحكومة الرقمية المهندس أحمد بن محمد الصويان أن هذا الإنجاز يعكس الدعم الكبير وغير المحدود الذي تحظى به منظومة الحكومة الرقمية من القيادة الرشيدة –أيدها الله–، مشيرًا إلى أن ما تحقق هو ثمرة لتكامل الجهود بين مختلف الجهات الحكومية، إلى جانب الشراكات الفاعلة مع القطاع الخاص.
وأوضح أن فرق العمل الوطنية أسهمت خلال السنوات الماضية في إعادة تصميم الخدمات الحكومية، وبناء بنية رقمية متقدمة، أسهمت في تحقيق هذا التقدم العالمي، مؤكدًا استمرار هيئة الحكومة الرقمية في تعزيز الابتكار، ورفع جودة الحلول الرقمية، بما يدعم الاقتصاد الوطني ويواكب مستهدفات رؤية السعودية 2030.
تفوق في جميع المؤشرات الفرعية
وبيّنت نتائج مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025 أن المملكة حققت مستويات شبه مكتملة من النضج في مختلف المؤشرات الفرعية، حيث سجلت نسبة (99.92%) في مؤشر توفر الأنظمة الحكومية الأساسية، و(99.90%) في مؤشر تقديم الخدمات الحكومية الرقمية، فيما بلغت نسبة النضج في مؤشر التفاعل الرقمي مع المواطنين (99.30%). كما حققت (99.50%) في مؤشر تعزيز ممكنات التحول الرقمي الحكومي.
هذا الأداء المتميز وضع المملكة ضمن التصنيف (A) الخاص بالدول الأكثر تقدمًا في مجال الحكومة الرقمية، في دلالة واضحة على نضج المنظومة الرقمية الحكومية وكفاءتها.
مسيرة تصاعدية منذ رؤية 2030
ويأتي هذا الإنجاز تتويجًا لمسار تصاعدي بدأ مع إطلاق رؤية السعودية 2030، التي جعلت التحول الرقمي أحد محاورها الرئيسة، وركّزت على تحسين تجربة المستفيد، ورفع كفاءة الأداء الحكومي، وتقديم خدمات رقمية متطورة تلبي احتياجات المواطن والمقيم على حد سواء.
وقد صاحب هذا التقدم توسع كبير في التكامل الحكومي، وتطوير شامل للأنظمة الرقمية، وبناء بنية تحتية تقنية عالية الاعتمادية، إضافة إلى تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية الناشئة، ما أسهم في تحقيق قفزات نوعية في مستويات النضج الرقمي.
تقدم ملحوظ في التصنيفات الدولية
وعلى مستوى المؤشر ذاته، شهدت المملكة تحسنًا لافتًا عبر نسخه المختلفة، إذ انتقلت من المرتبة 49 عالميًا في عام 2020، إلى المرتبة الثالثة في نسخة 2022، ثم إلى المرتبة الثانية عالميًا في نسخة 2025، لتؤكد بذلك مكانتها كإحدى الدول الرائدة عالميًا في التحول الرقمي الحكومي.
جذور التحول الرقمي في المملكة
وتعود بدايات التحول الرقمي الحكومي في المملكة إلى عام 2003، مع إطلاق برنامج الحكومة الإلكترونية «يسّر»، الذي شكّل نقطة الانطلاق نحو التحول من المعاملات الورقية إلى الخدمات الإلكترونية. ومع تسارع التحول، شهدت المنظومة تطورًا نوعيًا بإنشاء هيئة الحكومة الرقمية في عام 2021، لتكون الجهة المختصة بتنظيم أعمال الحكومة الرقمية والمرجع الوطني لها.
وتسعى الهيئة إلى تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية، وبناء حكومة رقمية استباقية ومبادِرة، قادرة على تقديم خدمات عالية الجودة، تلبي تطلعات المستفيدين، وتدعم مسيرة التنمية الوطنية.
أرقام تعكس حجم الإنجاز
وقد بلغ عدد الخدمات الحكومية الرقمية في المملكة أكثر من 3500 خدمة، تُقدَّم عبر ما يزيد على 530 منصة رقمية، مدعومة ببنية تحتية تقنية متقدمة، والتزام بتطبيق أفضل المعايير الدولية. وأسهم ذلك في تحقيق المملكة مراتب متقدمة في المؤشرات العالمية ذات الصلة بالحكومة الرقمية.
كما نجحت هيئة الحكومة الرقمية في الوصول إلى مستويات عالية من النضج الرقمي، سواء وفق ما أشار إليه تقرير البنك الدولي، أو من خلال مؤشر نضج التجربة الرقمية، الذي يُعد أحد الممكنات الرئيسة لإحداث أثر إيجابي ومستدام في التحول الرقمي.
أثر مستدام وجودة حياة أفضل
وأسهم هذا التقدم في رفع مستوى الرضا عن الخدمات الحكومية الرقمية، وتحسين جودة حياة الأفراد، وتعزيز تنافسية المملكة عالميًا، ورفع مستوى التكامل بين الجهات الحكومية، فضلًا عن دعم كفاءة اتخاذ القرار، وتحسين أداء الأجهزة الحكومية، بما يرسّخ مكانة المملكة كأنموذج عالمي في الحكومة الرقمية والابتكار.













