لم يكن أحد يتوقع أن يتحول رقمان عاديان إلى هتاف يومي يدوّي في ممرات المدارس الأميركية لكن «6-7» فعلتها.
«6-7»
فعلى الرغم من انها عبارة بلا معنى واضح، لا تشير إلى حدث ولا تحمل رسالة، ولكن أصبحت خلال أشهر قليلة كلمة السر غير المعلنة لجيل كامل من المراهقين، تتردد في الفصول الدراسية، والملاعب، وحتى داخل مطاعم الوجبات السريعة.
بداية الأمر كان عن طريق دعابة بلا مغزى، لكن بعد ذلك تحوّل إلى رمز للانتماء بين المراهقين.
قررت سلسلة مطاعم “إن أند آوت” حذف الرقم “67” من نظام الطلبات، بعد الفوضى التي أحدثها ترند “سيكس سيفن” بين المراهقين.
@adeletohame #تلفزيون_دبي #منصات_رقمية pic.twitter.com/td3ic84UMO
— تلفزيون دبي (@dubaitv) December 10, 2025
المعلم الأميركي غيب داننبريغ من ولاية داكوتا الجنوبية قال «لا أحد يعرف معناها، لكنها أصبحت وسيلة ليشعر الطلاب أنهم جزء من مجموعة». تعود القصة إلى أغنية راب بعنوان «دووت دووت (6-7)» للمغني سكريلا من فيلادلفيا، التي انتشرت أواخر عام 2024، تضمنت الأغنية الرقم 6-7 في مقطعها الرئيسي، ويُعتقد أنها تشير إلى رمز شرطة أميركي يُستخدم في تقارير الوفاة.
في العديد من المدارس، بات من المستحيل تقريباً أن ينطق معلم بالرقم ستة أو سبعة دون أن يرد عليه عشرات الطلاب بصراخ جماعي: «6-7!» في مشهد يتكرر يومياً، إلى درجة دفعت بعض المعلمين لوصف الظاهرة بـ«الطاعون الصوتي».
من نكتة عابرة إلى لغة مشتركة
البداية كانت بسيطة، مزحة بلا مغزى انتقلت من الإنترنت إلى الواقع. لكن سرعان ما تحولت «6-7» إلى رمز غير بين المراهقون من بعضهم لبعضهم: «نحن نفهم بعضنا».
كيف وُلد الترند؟
تعود جذور الظاهرة إلى أواخر عام 2024، مع انتشار أغنية راب بعنوان «Doot Doot (6-7)» للمغني سكريلا من فيلادلفيا. تكرار الرقم في الأغنية أثار الفضول، وفتح الباب أمام تفسيرات غير مؤكدة ربطته برمز شرطي أميركي يُستخدم في تقارير الوفاة.
لكن الانفجار الحقيقي جاء من مقطع فيديو قصير، ظهر فيه لاعب كرة السلة الشاب تايلن كيني مع فريقه «أوفرتايم إيليت». حين سُئل عن رأيه في مشروب قهوة، تردد قبل أن يجيب: «6… 6… 6-7»، مرفقاً إجابته بإيماءة بيديه، وكأنه غير قادر على الحسم.
اللقطة العفوية تحولت إلى مادة خصبة للتقليد. انتشر الفيديو بسرعة هائلة على «تيك توك»، وبدأ كيني نفسه يستخدم العبارة والحركة في مقاطع لاحقة، ليقلده ملايين المراهقين حول العالم.
حين دخل المشاهير على الخط
لم يقتصر الأمر على الطلاب. سرعان ما التقطت حسابات رياضية شهيرة الترند، من بينها نجم دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين الـNBA لاميلو بول، الذي صادف أن طوله يبلغ ستة أقدام وسبع بوصات.
هذا التوافق الغريب بين الرقم والواقع أضفى على «6-7» بعداً ساخراً إضافياً، وساهم في مضاعفة انتشارها، لتتحول من دعابة إلكترونية إلى ظاهرة ثقافية يومية.
لغوياً.. ماذا تعني «6-7»؟
من وجهة نظر علم اللغة، فقدت العبارة معناها الأصلي بالكامل، يشرح عالم اللغويات تايلور جونز أن ما حدث يُعرف بـ«التبييض الدلالي»، أي فصل الكلمة أو العبارة عن معناها لتصبح رمزاً اجتماعياً فارغاً من الدلالة.
ويقول: «قوة 6-7 تكمن في أنها لا تعني شيئاً. من يعرفها يشعر أنه داخل المجموعة، ومن لا يفهمها يبقى خارجها».
وتذهب أستاذة التواصل في جامعة سينسيناتي، غايل فيرهرست، إلى أن الظاهرة تعكس طريقة الجيل الجديد في بناء هوية جماعية سريعة، حتى وإن كانت قائمة على كلمة بلا محتوى.
المعلمون بين الحظر والاحتواء
داخل المدارس، تحولت «6-7» إلى تحدٍّ يومي، ويقول داننبريغ إنه سمع العبارة 75 مرة خلال يوم دراسي واحد، ما دفع بعض المدارس إلى حظر استخدامها رسمياً.
لكن معلمين آخرين اختاروا أسلوباً مختلفاً: الاحتواء، ففي ولاية ميشيغان، أدخلت معلمة موسيقى العبارة في تمارين غنائية إلى جانب كلمات دارجة أخرى مثل «slay» و«rizz» و«Ohio»، محاولة تحويل الهوس إلى نشاط منظم.
أما داننبريغ نفسه، فقرر مجاراة طلابه قائلاً لهم عند فتح الكتب على الصفحة 67، «هذا تصرّف 6-7 منكم»، مؤمناً بأن أسرع طريقة لإنهاء أي ترند شبابي هي أن يصبح «مملّاً» عندما يستخدمه الكبار.
هل تثير الظاهرة القلق؟
بعض أولياء الأمور يرون في انتشار «6-7» دليلاً على تراجع التفكير لدى المراهقين، لكن الخبراء لا يتفقون مع هذا التشخيص.
يؤكد جونز أن كل جيل يخلق لغته الخاصة، وأن مثل هذه الظواهر ليست جديدة ولا تدل على ضعف فكري، بل على اللعب باللغة واستخدامها كوسيلة للتفاعل الاجتماعي.
وتضيف فيرهرست أن الظاهرة تعكس واقعاً ثقافياً أوسع، حيث تصبح اللغة أداة للانتماء أكثر من كونها وسيلة لنقل المعنى.
من الفصول الدراسية إلى مطاعم البرغر
لم يتوقف تأثير «6-7» عند المدارس فقد أعلنت سلسلة مطاعم البرغر الأميركية الشهيرة «إن أند آوت» حذف الرقم 67 من نظام الطلبات في بعض فروعها، بعد أن تسبب الترند في فوضى متكررة.
كان مراهقون يتجمعون داخل المطاعم بانتظار نداء الطلب رقم 67، لينطلقوا بعدها في صراخ جماعي وحركات تُصوّر لمقاطع «تيك توك»، ما عطّل العمل وأربك الموظفين، اضطرت الإدارة إلى تجاوز الرقم نهائياً، لينتقل التسلسل من 66 مباشرة إلى 68.

















