تصدر المواطن السعودي حميدان التركي منصات السوشيال ميديا اليوم وموقع إكس ومحرك البحث جوجل بعد أن أعلنت السلطات الأمريكية في مايو 2025 الإفراج عن المواطن السعودي حميدان التركي، بعد نحو عشرين عامًا قضاها في السجون الأمريكية، معظمها في ولاية كولورادو، على خلفية قضية طالما أثارت اهتمامًا واسعًا على المستويين المحلي والدولي.
حميدان التركي
ولد حميدان علي التركي عام 1969 في المملكة العربية السعودية، وتلقى تعليمه الجامعي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. حصل في منتصف التسعينيات على بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراسته العليا في علم الصوتيات واللسانيات، حيث التحق بجامعة دنفر في ولاية كولورادو.
رافقته في رحلته الدراسية زوجته سارة الخنيزان وأطفاله، واستقر في مدينة أورورا، حيث أظهر تفوقًا أكاديميًا لافتًا، وتخرج بدرجة الماجستير بامتياز. كما أسس مشروعًا ثقافيًا باسم “دار البشير للنشر والترجمة”، ركز على نشر الكتب الإسلامية المترجمة للجاليات المسلمة في الغرب.
الاعتقال وبداية المحاكمة
في نوفمبر 2004، ألقت السلطات الأمريكية القبض على حميدان التركي وزوجته بتهمة مخالفة قوانين الهجرة، لكن سرعان ما تحولت القضية إلى مسار جنائي بعد بلاغ تقدمت به خادمة إندونيسية كانت تعمل لدى الأسرة.
في يونيو 2005، تم توجيه تهم متعددة ضد التركي، أبرزها: إساءة معاملة الخادمة، الاحتجاز غير القانوني، سرقة مستحقات مالية، ومخالفة قانون العمل. وعلى الرغم من نفيه المستمر لجميع التهم، أصدرت محكمة أراباهو في أغسطس 2006 حكمًا بسجنه لمدة 28 عامًا، بينما أسقطت التهم الموجهة إلى زوجته.
جدل قانوني وانتقادات للمحاكمة
شهدت القضية تفاعلاً واسعًا من منظمات حقوقية ونشطاء، أشاروا إلى ما وصفوه بـ”عيوب إجرائية” و”تحيز ثقافي” في المحاكمة. واعتبر فريق الدفاع أن الحكم جاء في سياق من الإسلاموفوبيا السائدة آنذاك، خاصة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، كما طعنوا في كفاءة المحامين الذين تولوا القضية في بداياتها.
لاحقًا، تم قبول استئناف جزئي في 2011، أدى إلى تخفيض العقوبة من 28 إلى 8 سنوات، وذلك استنادًا إلى سلوكه الإيجابي داخل السجن وتوصيات من مسؤولين في المؤسسة العقابية.
احتجاز إداري وإفراج مشروط
رغم انتهاء محكوميته المعدلة، بقي التركي قيد الاحتجاز الإداري من قبل لجنة الإفراج المشروط، التي رفضت عدة طلبات تقدم بها، مشيرة إلى “الخطورة المحتملة” و”الطابع الحساس للقضية”. وبعد ثلاث جلسات استماع متتالية في مطلع 2025، تم التوصل إلى اتفاق قانوني بين الادعاء والدفاع، نص على:
الإفراج الفوري عن حميدان التركي.
تسليمه لإدارة الهجرة والجمارك الأمريكية.
ترحيله إلى المملكة العربية السعودية وفق تفاهم قانوني مشترك.
ردود فعل متباينة
لاقى خبر الإفراج ترحيبًا واسعًا في المملكة العربية السعودية، حيث تصدرت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية عناوين الترحيب بعودته، واعتبره كثيرون “نصرًا للعدالة” و”إنهاءً لمعاناة طالت لعقود”.
في المقابل، تحفظت جهات أمريكية على القرار، مشيرة إلى تعقيد القضية وخلفياتها القانونية والإنسانية، بينما التزمت السلطات القضائية الصمت حيال التفاصيل الدقيقة للاتفاق القانوني الذي أفضى إلى الإفراج.
نهاية فصل.. وبداية أخرى؟
بينما يعود حميدان التركي إلى وطنه بعد سنوات طويلة من السجن والجدل، تظل قضيته نموذجًا شائكًا للتقاطعات المعقدة بين العدالة، الثقافة، السياسة، وحقوق الإنسان. كما أعادت طرح تساؤلات حول نظام العدالة الأمريكي وتعاملاته مع قضايا المهاجرين المسلمين في حقبة ما بعد 11 سبتمبر.