المحتويات
كشفت بيانات رسمية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، اليوم الأحد، عن تباطؤ وتيرة ارتفاع أسعار العقارات خلال الربع الثاني من عام 2025، حيث سجل المؤشر العقاري العام معدل نمو سنوي قدره 3.2%، مقابل 4.3% في الربع الأول من العام نفسه.
وتعد هذه البيانات إشارة واضحة إلى تغير ملحوظ في ديناميكية السوق العقارية.
أسعار العقارات السكنية.. تباطؤ النمو بفعل استقرار أسعار الأراضي
أوضحت الهيئة أن التباطؤ يعود في المقام الأول إلى أداء العقارات السكنية، والتي تمثل 72.2% من المؤشر العقاري.
فقد اقتصر النمو السنوي في هذا القطاع على 0.4% فقط، وهو المعدل الأدنى منذ أكثر من أربعة فصول.
ويعود هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى الركود في أسعار الأراضي السكنية، التي لم تسجل سوى ارتفاع طفيف بنسبة 0.2%، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الفلل السكنية بنسبة سنوية بلغت 3.2%.

ارتفاع حاد في أسعار العقارات التجارية
وعلى النقيض من ذلك، شهد قطاع العقارات التجارية تسارعًا ملحوظًا في وتيرة الأسعار، حيث سجل نموًا سنويًا بلغ 11.7% خلال الربع الثاني، مقارنة بـ 2.5% في الربع الأول، ما يعكس نشاطًا متزايدًا في هذا القطاع مدفوعًا على الأرجح بزيادة الطلب وتحركات الاستثمار التجاري.
أما الأراضي الزراعية، فقد واصلت اتجاهها التراجعي، مسجلة انخفاضًا سنويًا قدره -0.9%، بعد أن كانت قد تراجعت بنسبة -1.1% في الربع السابق، ما يعكس استمرار ضعف الطلب على هذا النوع من الأصول العقارية.
المؤشر العقاري يسجل أبطأ نمو ربعي منذ خمسة فصول
وعلى أساس ربعي، أظهرت البيانات أن المؤشر العقاري العام في المملكة حقق نموًا طفيفًا بنسبة 0.1% فقط، وهي أبطأ وتيرة نمو منذ خمسة فصول متتالية، ما يدل على فتور نسبي في حركة الأسعار خلال هذه الفترة، وربما تأثر السوق بسلسلة الإجراءات التنظيمية التي طُبقت مؤخرًا.
الرياض تتراجع.. استجابة مباشرة للإجراءات الحكومية
في العاصمة الرياض، سجلت الأسعار تراجعًا بنسبة -3.1% خلال الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من العام نفسه، وهو ما يعتبر أول رد فعل مباشر لتوجيهات سمو ولي العهد الصادرة في مارس الماضي، والتي هدفت إلى كبح جماح الأسعار المرتفعة في المدينة.
أما على أساس سنوي، فقد بلغت نسبة الارتفاع في الرياض 3.6% فقط، وهو المعدل الأدنى منذ بدء جمع السجلات الرسمية في عام 2021.
وشملت الإجراءات التي اتخذت في هذا السياق رفع الإيقاف عن الأراضي الواقعة شمال المدينة، وتوفير أراضٍ سكنية بأسعار لا تتجاوز 1500 ريال للمتر، بالإضافة إلى تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، وهي خطوات تهدف مجتمعة إلى تحقيق توازن بين العرض والطلب وتحسين قدرة المواطنين على تملك السكن.

مناطق المملكة.. تفاوت في الأداء العقاري
على صعيد المناطق الإدارية، تصدرت منطقة تبوك قائمة المناطق الأعلى نموًا في الأسعار بنسبة 4.7%، تلتها المنطقة الشرقية ثم منطقة مكة المكرمة، ما يشير إلى نشاط عمراني متفاوت في هذه المناطق.
في المقابل، سجلت ست مناطق تراجعًا سنويًا في الأسعار، أبرزها منطقة عسير التي انخفضت أسعارها بنسبة -3.9%، تلتها المدينة المنورة ومنطقة جازان، في إشارة إلى تباين واضح في الطلب العقاري بحسب المنطقة ونوع النشاط.
سوق عقارية أكثر توازنًا وشفافية
تعكس هذه المؤشرات الرسمية أن السوق العقارية السعودية تمر بمرحلة تصحيح مدروسة، تأتي في سياق جهود حكومية متواصلة تهدف إلى تعزيز التوازن بين العرض والطلب، وتوفير حلول إسكانية ميسورة تتماشى مع رؤية المملكة 2030 ومبادئ التنمية المستدامة.
كما تعزز هذه الجهود الشفافية وتحد من المضاربات، مما يضع الأسس اللازمة لبناء سوق عقارية مستقرة على المدى الطويل.