المحتويات
في عالم العقارات المتغير، تُعد ضريبة التصرفات العقارية من الركائز الأساسية التي لا يمكن تجاهلها عند إتمام أي صفقة بيع أو شراء عقاري.
فهي ليست مجرد إجراء روتيني، بل عامل مؤثر على القيمة الإجمالية للصفقة، سواء كنت مشتريًا، بائعًا، أو وسيطًا عقاريًا.
ومع تطور الأنظمة الضريبية في المملكة، أصبح فهم هذه الضريبة ضرورة لا غنى عنها لتفادي التكاليف غير المتوقعة وتسهيل الإجراءات الرسمية.
المفهوم الأساسي لضريبة التصرفات العقارية
ضريبة التصرفات العقارية هي رسم تُفرضه الدولة على عمليات نقل ملكية العقارات.
وتشمل هذه العمليات البيع، الهبة، المبادلة، أو أي شكل آخر من أشكال التنازل عن الملكية.
تُحتسب هذه الضريبة بنسبة ثابتة تبلغ 5% من القيمة السوقية أو الاتفاقية للعقار، ويتم سدادها مباشرة إلى هيئة الزكاة والضريبة والجمارك قبل إتمام عملية التوثيق.
بدأ العمل بهذه الضريبة رسميًا في السعودية منذ 14 صفر 1442هـ، الموافق 4 أكتوبر 2020م، ضمن خطة شاملة للإصلاحات الاقتصادية، التي تهدف إلى تنظيم السوق العقاري وتعزيز الشفافية وتحقيق إيرادات غير نفطية للدولة.
الفرق بين ضريبة التصرفات العقارية وضريبة القيمة المضافة
من الشائع وجود خلط بين ضريبة التصرفات العقارية وضريبة القيمة المضافة، لكن الفرق بينهما واضح من حيث النطاق والأهداف ونسبة التحصيل.
ضريبة القيمة المضافة تُفرض على السلع والخدمات بنسبة 15%، وكانت تشمل التعاملات العقارية قبل أكتوبر 2020.
أما بعد تطبيق ضريبة التصرفات العقارية، فقد تم استثناء أغلب التعاملات العقارية من القيمة المضافة.
في المقابل، تُطبق ضريبة التصرفات العقارية بنسبة 5% فقط، وتشمل عمليات نقل الملكية العقارية، وهي تُسدَّد إلى الهيئة عبر منصة إلكترونية مخصصة، بينما تُسدد ضريبة القيمة المضافة من خلال السجلات الضريبية.
من يتحمل سداد الضريبة؟
بحسب النظام، يُفترض أن يتحمل البائع هذه الضريبة، إلا إذا تم الاتفاق بخلاف ذلك بين الطرفين. في بعض الحالات، قد يشترط البائع على المشتري دفع الضريبة كاملة، خاصة في حالات الطلب المرتفع.
لذلك، يُنصح دائمًا بتوثيق هذا الاتفاق بوضوح في العقد لتفادي أي نزاعات مستقبلية.
أنواع التصرفات التي تشملها الضريبة
تُفرض ضريبة التصرفات العقارية على معظم حالات نقل الملكية، ومنها:
- بيع العقارات السكنية أو التجارية
- المقايضة بين عقارين
- التنازل لصالح شركة أو طرف ثالث
- البيع النقدي للأراضي
- تحويل الملكية من شخص إلى آخر مقابل مبلغ مادي
لكن يجب التنويه أن هناك حالات يتم فيها إعفاء هذه التصرفات، بشرط الالتزام بالشروط المنظمة لذلك.
متى يُعفى العقار من الضريبة؟
هناك عدة حالات ينص النظام على إعفائها من ضريبة التصرفات العقارية، ومنها:
- الهبات بين الأقارب حتى الدرجة الثالثة (الوالدين، الأبناء، الزوج أو الزوجة)
- انتقال الملكية إلى الورثة بعد وفاة المالك
- البيع ضمن برامج الدعم السكني الحكومية مثل “سكني”
- نقل الملكية إلى صناديق استثمار عقاري مرخصة
- التصرفات الناتجة عن تنفيذ أحكام قضائية أو إجراءات الإفلاس
لكن للاستفادة من هذه الإعفاءات، يجب تقديم المستندات الداعمة وطلب رسمي عبر منصة الهيئة قبل توثيق الصفقة، حيث أن التأخير قد يؤدي إلى دفع الضريبة ومن ثم الدخول في إجراءات طويلة لاستردادها.
طريقة حساب الضريبة وخطوات سدادها
لحساب قيمة الضريبة المطلوبة، يمكن الدخول إلى منصة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك وملء بيانات العقار بدقة. بعد ذلك، تُحسب الضريبة تلقائيًا بنسبة 5%، وتصدر فاتورة إلكترونية يجب سدادها قبل إتمام توثيق الملكية.
بعد السداد، يحصل المتعامل على “شهادة سداد الضريبة”، وهي وثيقة أساسية لا يمكن إتمام عملية نقل الملكية من دونها عبر الجهات المختصة مثل وزارة العدل أو منصة “إفراغ”.
أخطاء شائعة يجب تجنبها
يقع الكثير من المتعاملين في أخطاء قد تُعرضهم لعقوبات مالية، أبرزها:
- تسجيل قيمة أقل من القيمة الحقيقية للعقار بهدف تقليل الضريبة، مما قد يؤدي إلى فرض غرامات أو إعادة تقييم من الهيئة
- الاعتماد على وسطاء غير مرخصين، ما يسبب ارتباكًا في الإجراءات وربما خسائر قانونية
- عدم الاستفادة من الإعفاءات القانونية بسبب الجهل بالشروط أو التأخر في التقديم
ولتجنب هذه الأخطاء، يُفضل دائمًا التعامل مع مكاتب عقارية ومحامين مرخصين لديهم خبرة في النظام الضريبي، مع التأكد من تسجيل كل الاتفاقيات داخل العقود الرسمية.
أهمية هذه الضريبة في تنظيم السوق العقاري
رغم اعتراض البعض على ضريبة التصرفات العقارية باعتبارها عبئًا إضافيًا، إلا أن وجود نظام ضريبي واضح وشفاف ساعد في:
- تقليص المضاربات ورفع درجة المصداقية في السوق
- منع التلاعب بالأسعار من خلال تسجيل صفقات وهمية أو غير واقعية
- خلق بيئة أكثر عدالة للمستثمرين والمشترين، مما يعزز الثقة ويشجع على التملك
ضريبة التصرفات العقارية ليست مجرد التزام مالي، بل أداة تنظيمية تسهم في بناء سوق عقاري صحي يخدم مصالح الجميع، ويضمن شفافية الإجراءات ووضوحها.