مع سعي المملكة العربية السعودية إلى احداث تحوّل شامل في قطاع التعدين وترسيخ مكانتها كوجهة عالمية للاستثمار في هذا القطاع، تقف شركة المصانع الكبرى للتعدين (أماك) في طليعة هذا التحول عبر استراتيجية نمو شاملة تمتد حتى عام 2025 .
وفي مقابلة حصرية لـ “تفاعل”، على هامش مؤتمر التعدين الدولي 2025، قدم جيفري داي، الرئيس التنفيذي لشركة “أماك”، لمحات عن مسيرة الشركة منذ تأسيسها في عام 2008 وحتى وصولها إلى مكانتها الحالية كواحدة من أكبر شركات التعدين المدرجة في السوق المالية السعودية.
وفي ظل ارتفاع طاقتها الإنتاجية بشكل كبير، عبر إطلاق عدد من المشاريع الاستراتيجية مثل مشروع “كتينة” للذهب وتطوير خام الحديد في “نهام”، ترسم “أماك” مساراً يدعم رؤية السعودية بأن تصبح واحدة من أكبر 10 دول تعدين في العالم.
وفيما يلي نص المقابلة :
س: يُعد اكتمال توسعة مكمن خام “معيض” علامة فارقة لشركة أماك. كيف أثرت هذه الخطوة على قدراتكم التشغيلية وموقعكم في السوق؟
ج: لاشك بان توسعة مكمن خام “معيض” قد ساهم بشكل كبير في تعزيز قدراتنا الإنتاجية، حيث ارتفعت قدراتنا السنوية على معالجة الخامات بمقدار 1.2 مليون طن، مما أتاح إنتاج 30-40 ألف طن من مركزات النحاس، و60-80 ألف طن من مركزات الزنك، و35-45 ألف أوقية من الذهب، وحوالي 500 ألف أوقية من الفضة.
س: تتضمن استراتيجيتكم لعام 2025 عدة مشاريع طموحة وفرصاً جديدة للنمو. كيف ستعيد هذه التطورات تشكيل مستقبل أماك في قطاع التعدين السعودي؟
ج: تركز استراتيجيتنا على توسيع العمليات الحالية واستكشاف فرص جديدة للنمو. بالنسبة للعمليات الحالية، نطور مشروع “كتينة” للذهب، الذي سيبدأ الإنتاج خلال ستة أشهر من الحصول على رخصة التعدين. ويمتاز هذا الموقع بأن رواسب الذهب تمتد على مسافة 1.5 كيلومتر، مما يوفر إمكانيات إنتاج كبيرة.
نحن أيضاً نعمل على تطوير مشروع خام الحديد في “نهام”، الذي يحتوي على أكثر من 7 ملايين طن من الموارد وسيوفر خام الحديد إلى مصانع الأسمنت في المملكة بالإضافة إلى ذلك، نخطط لبدء عمليات التعدين تحت الأرض في منجم “قيان” للذهب خلال العام الجاري ، مما سيخفض تكاليف إنتاج الذهب بفضل القدرة على استغلال الرواسب الأعلى جودة ونقاء والكامن في باطن الأرض واعتماد تقنيات تخفض من كلفة الإنتاج. كما نعمل على تطوير مواقع إضافية مثل “السكري” لتزويد مصنع “قيان” بالذهب، ونقيم إمكانيات الموارد في المواقع المكتسبة حديثاً. ولتسريع قدراتنا الاستكشافية، أعلنّا مؤخراً عن إطلاق شركة متخصصة بالحفر ومملوكة بالكامل لاستكشاف أكثر من ٢٠ رخصة تشمل المعادن الأساسية والمعادن الصناعية
س: تُعد الاستدامة البيئية قضية أساسية عالمياً في عمليات التعدين. كيف تقود أماك ممارسات التعدين المستدامة بينما تحافظ على التميز التشغيلي؟
ج: الاستدامة هي جزء أساسي من فلسفتنا التشغيلية واستراتيجيتنا طويلة الأجل. نحن نتخذ خطوات ملموسة لتقليل تأثيرنا البيئي من خلال عدة مبادرات.
أولاً، نقوم بربط منشآتنا بشبكة الكهرباء الوطنية، مما يقلل بشكل كبير من استهلاك الديزل ويحسن بصمتنا الكربونية.
كما نوسع سعة تخزين النفايات الجافة لدينا لاستيعاب جميع الاحتياطيات القابلة للتعدين الحالية والمستقبلية. هذه المبادرة تدعم النمو التشغيلي وتظهر التزامنا بإدارة النفايات بمسؤولية.
كما نجحنا في إعادة تدوير معظم الكميات المستخدمة من المياه في جميع مواقعنا و نعمل على تطوير حلول مبتكرة لإدارة النفايات كإنشاء تربة سطحية لبرامج إعادة التشجير مثلاً. هذه الخطوات الهامة، وغيرها تتماشى بشكل كامل مع المعايير العالمية المعتمدة للاستدامة ونهج المملكة في مجال حماية البيئة.
س: الابتكار هو عنوان مستقبل التعدين. كيف تعزز أماك ثقافة الابتكار في عملياتها؟
ج: الابتكار متجذر في جميع جوانب عملياتنا. نحن نطبق تقنيات متقدمة مثل رسم خرائط التوقعات وأنظمة التتبع الفوري، ولكن الأهم من ذلك، هو تطوير بيئة عمل مواتية للابتكار وحاضنة للكفاءات المبتكرة.
من خلال شراكاتنا مع المؤسسات الأكاديمية ومزودي التكنولوجيا، نطور حلولاً تعالج تحديات الصناعة وتعزز الكفاءة التشغيلية. كما نعمل مع مؤسسات بحثية وشركاء في الصناعة لتطوير حلول تعدين يمكن تطبيقها محلياً وعالمياً.
س: أحرزت أماك تقدماً كبيراً في تطوير المواهب المحلية. هل يمكنكم توضيح رؤيتكم طويلة الأجل لبناء قدرات قطاع التعدين في السعودية؟
ج: رؤيتنا لتطوير المواهب تتجاوز تلبية الاحتياجات التشغيلية الفورية. نحن نؤسس لجيل جديد من الكوادر المهنية الوطنية القادرة على قيادة عمليات التطوير المستقبلية لهذا القطاع الاقتصادي الهام.
من خلال شراكتنا مع المعهد السعودي التقني للتعدين، أنشأنا برامج تدريب شاملة تجمع بين المعرفة النظرية والخبرة العملية. نجاح هذا البرنامج أثمر عن أكمال 30 متدرباً سعودياً برنامج دبلوم لمدة عامين وهم الآن يساهمون بشكل فاعل ومؤثر في مختلف الأقسام التشغيلية للشركة. نحن ملتزمون تماماً بتطوير جيل جديد من الكوادر الوطنية المتميزة والتي سيكون لها دور أساسي في ريادة النمو والابتكار في قطاع التعدين السعودي.
س: تعمل المملكة العربية السعودية على تعزيز مكانتها كمركز عالمي للتعدين. ما هي المزايا الفريدة التي تقدمها المملكة للمستثمرين الدوليين في قطاع التعدين؟
ج: تقدم المملكة العربية السعودية مزيجاً فريداً من المزايا. تقدر الثروة المعدنية في المملكة بحوالي 9.4 تريليون ريال سعودي (2.5 تريليون دولار أمريكي). إلى جانب موقعها الاستراتيجي بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وبنيتها التحتية المتطورة التي تشمل الموانئ والسكك الحديدية، إضافة إلى العديد من التسهيلات التي يوفره نظام الاستثمار التعديني على سبيل المثال، وهذه كلها عوامل ترفع من جاذبية المملكة للاستثمار والشراكات العالمية.
س: وضعت رؤية 2030 أهدافاً طموحة لقطاع التعدين. كيف تسهم خارطة الطريق الاستراتيجية لشركة أماك في تحقيق هذه الأهداف الوطنية؟
ج: استراتيجيتنا تدعم بشكل مباشر أهداف رؤية 2030 في قطاع التعدين. نحن نساهم في تنويع الاقتصاد من خلال توسيع عملياتنا، وتطوير المواهب المحلية، وتنفيذ ممارسات مستدامة. تركيزنا على الابتكار والتميز التشغيلي يضعنا في موقع يدعم طموح المملكة في أن تكون ضمن أكبر 10 دول تعدين في العالم.
س: يشهد الانتقال العالمي للطاقة واستراتيجيات الرقمنة طلباً غير مسبوق على المعادن الأساسية. كيف تتموضع المملكة العربية السعودية لتلبية هذا الطلب المتزايد؟
ج: لا شك أن المملكة العربية السعودية مؤهلة لأن تتبوأ مكانة عالمية مرموقة كمصدر ومركز دولي رئيسي للمعادن الأساسية اللازمة للتحول العالمي الجديد في مجال الطاقة. الثروات المعدنية الهائلة فالتي تتمتع بها المملكة إلى جانب نجاحها في الاستثمار في تطوير إمكاناتها الصناعية والتحويلية تمنحها ميزة تنافسية اقتصادية هامة .
من خلال توسيع عملياتنا وتركيزنا على الابتكار، ندعم طموح المملكة في أن تصبح مركزاً عالمياً لمعالجة وتصنيع هذه المواد الأساسية. وهذا يتماشى مع الهدف الأوسع المتمثل في تعزيز مكانة المنطقة كمورد موثوق للمعادن المستخرجة بشكل مسؤول لدعم التنمية العالمية.