تشهد المملكة العربية السعودية في عام 2025 تحولات بيئية كبرى من خلال مبادرة السعودية الخضراء، التي تمثل علامة فارقة في تاريخ المملكة في مجال الاستدامة تهدف المملكة من خلال هذه المبادرة إلى تحقيق استدامة بيئية شاملة، تضم مختلف القطاعات الحيوية مثل المياه، الطاقة، والزراعة، في خطوة تُسهم بشكل كبير في مواجهة تحديات التغير المناخي وتحديات التنمية المستدامة.
السعودية الخضراء

في إطار هذه المبادرة، تُظهر المملكة الريادة في مجال إدارة الموارد المائية، وتعمل على تحقيق استدامة بيئية تلبي احتياجات الأجيال القادمة. بين الابتكارات المائية ومشاريع التشجير الكبرى، تمثل المملكة نموذجًا رائدًا عالميًا في دمج التكنولوجيا البيئية مع سياسات التنمية المستدامة.
تسجيل رقم قياسي في غينيس لأكبر مجموعة بذور نباتات برية

إحدى أبرز الإنجازات التي حققتها المملكة في سياق الاستدامة البيئية تمثلت في تسجيل رقم قياسي عالمي في موسوعة غينيس للأرقام القياسية تحت عنوان “أكبر مجموعة موسمية لتخزين البذور في العالم”. جاء هذا الإنجاز تتويجًا لجهود المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، الذي عمل على جمع وتخزين 95 طنًا من بذور النباتات المحلية.
بذلت الفرق الميدانية التابعة للمركز جهدًا كبيرًا على مدار عام كامل في جمع 31 نوعًا من النباتات البرية المحلية من مختلف أنحاء المملكة. تم تخزين هذه البذور في مستودعات متخصصة وفقًا لأعلى المعايير البيئية، في خطوة تعكس التزام المملكة بحماية الغطاء النباتي المحلي، مكافحة التصحر، وتحقيق الأمن الغذائي. يسهم هذا المشروع في تعزيز جهود التشجير وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في حماية الموارد الطبيعية.
واحة رابغ للابتكار: أكبر مركز أبحاث مائي في العالم

من ضمن المشاريع الرائدة التي أطلقتها المملكة، واحة رابغ للابتكار التي تُعتبر أكبر مركز أبحاث مائي في العالم. تم تدشين “واحة المياه” في محافظة رابغ (غرب المملكة) لتكون منصة متكاملة تهدف إلى تطوير حلول مبتكرة في إدارة المياه ومواجهة تحديات نقص المياه في المملكة.
تعد الواحة من أبرز المنشآت البحثية التي تجمع بين الابتكار التقني في مبادرات المياه، وتكنولوجيا تحلية المياه، وتطوير أنظمة الري الذكية. وحققت المملكة إنجازًا جديدًا في موسوعة غينيس بتسجيلها أكبر واحة ابتكار مائي على مساحة تزيد عن 33 ألف متر مربع. يأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية المملكة لتعزيز الاستدامة المائية، في وقت يتزايد فيه الضغط على موارد المياه في المنطقة.
الهيئة السعودية للمياه تلعب دورًا محوريًا في هذا المشروع، حيث تهدف إلى تطوير حلول لتوفير المياه العذبة من خلال استخدام تقنيات تحلية المياه وإعادة تدوير المياه، بما يساعد المملكة على التأقلم مع تحديات التغيرات المناخية وتأمين احتياجات الأجيال القادمة من المياه.
مطار البحر الأحمر الدولي: تقليل انبعاثات الطيران بنسبة 35%

في خطوة نوعية نحو تقليل الانبعاثات الكربونية في قطاع الطيران، أعلن مطار البحر الأحمر الدولي عن استخدام وقود الطيران المستدام (SAF). يمثل هذا الوقود البديل جزءًا من استراتيجية المملكة للاستدامة البيئية، حيث يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الطائرات بنسبة تصل إلى 35%.
يسهم استخدام وقود SAF في تقليل البصمة الكربونية للطيران، مما يضع المملكة على خريطة الدول الرائدة في التحول إلى الطيران المستدام. يعتمد وقود SAF على مصادر غير تقليدية، مثل المواد الحيوية والنفايات أو الكربون المُلتقط، ليكون بديلاً بيئيًا نظيفًا للوقود التقليدي. ويسهم هذا المشروع في تحقيق أهداف المملكة في تقليل التأثيرات البيئية في قطاع النقل الجوي، مع الالتزام الكامل بالمعايير العالمية.
زراعة 115 مليون شجرة ضمن مبادرة السعودية الخضراء

في إطار جهودها لتعزيز الاستدامة البيئية، تواصل المملكة تشجير العديد من المناطق في إطار مبادرة السعودية الخضراء، التي تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة خلال العقود القادمة. وبنهاية 2024 وبداية 2025، من المتوقع أن تزرع المملكة أكثر من 115 مليون شجرة في مختلف المناطق، في إنجاز كبير يعكس الالتزام الملكي بالتنمية المستدامة وحماية البيئة.
كما تهدف المملكة إلى استصلاح 74 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وذلك في إطار جهودها للحد من التصحر وتحسين جودة التربة وزيادة قدرة الأرض على دعم الزراعة، مما يسهم في تحقيق الأمن البيئي.
الاستثمار في الاقتصاد الأخضر
تواصل المملكة الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، حيث يتم تنفيذ 86 مبادرة وبرنامجًا تحت مظلة مبادرة السعودية الخضراء، بقيمة استثمارية تزيد عن 705 مليارات ريال. تشمل هذه المبادرات مشاريع في مجال الطاقة المتجددة، إدارة المياه، التشجير، حماية البيئة، و إعادة تأهيل الأراضي.
تسعى هذه المبادرات إلى خفض الانبعاثات الكربونية، حماية المناطق البرية، والارتقاء بمستويات جودة الحياة في المملكة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 لبناء اقتصاد مستدام وتحقيق الاستدامة البيئية على المدى الطويل.
يُعتبر عام 2025 نقطة فارقة في جهود المملكة العربية السعودية نحو الاستدامة البيئية. من خلال الابتكارات المائية، مشاريع التشجير الضخمة، التحول إلى تقنيات الطاقة المتجددة، و الريادة في مجال المياه، تحقق المملكة إنجازات بيئية غير مسبوقة على الصعيدين المحلي والدولي.
من خلال هذه المبادرات الطموحة، تؤكد المملكة على التزامها الثابت بتحقيق استدامة بيئية شاملة، وتدعم رؤية المملكة 2030 في بناء اقتصاد أخضر ومجتمع مستدام، مما يجعلها نموذجًا رائدًا في مواجهة تحديات التغير المناخي وتعزيز الاستدامة.


















