المحتويات
سوق العقارات السعودي وتصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران – يشهد الشرق الأوسط مرحلة غير مسبوقة من التصعيد الجيوسياسي، خاصة مع تزايد احتمالات اندلاع مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وإيران واحتمال تورط الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر.
هذه التطورات تطرح تساؤلات ملحّة حول تأثيرها على الأسواق الخليجية، وخصوصًا سوق العقارات السعودي الذي يُعد من أكثر القطاعات الاقتصادية استقرارًا في المملكة.
كيف تنعكس التوترات الجيوسياسية على الاقتصاد الخليجي؟
يرى حسين الرقيب، مدير مركز زاد للاستشارات، أن الأحداث الجيوسياسية لها تأثير كبير جدًا على مجريات الأسواق الخليجية، مشيرًا إلى أن أي ضربة عسكرية لإيران تؤدي إلى تصعيد واسع النطاق، ما يضع الأسواق في حالة تأهب، ويستدعي الحذر خلال الأيام المقبلة.
وبحسب الرقيب، فإن الأسواق الخليجية ستكون معرضة لأي رد فعل مباشر أو غير مباشر نتيجة هذا التصعيد.
ورغم أن التأثير الأول يظهر عادة في أسواق المال، فإن سوق العقارات ، بطبيعته الاستثمارية طويلة الأجل، يتأثر بشكل غير مباشر عبر ثلاثة مسارات أساسية: ثقة المستثمرين، واستقرار العملة، وتوجهات أسعار النفط.

سوق الأسهم كمرآة أولية: هل يعكس تقلبه مصير العقار؟
تشير التقارير إلى أن تصاعد النزاع خلق حالة من عدم اليقين في أسواق الأسهم، والتي تُعد أداة قياس مبكرة لحالة الاقتصاد والاستثمار.
ورغم عدم الإعلان عن إلغاء رسمي لأي طرح أولي، إلا أن حالة الترقب أثّرت على معنويات المستثمرين، ودفعت بعض الجهات إلى تأجيل قراراتها.
على سبيل المثال، يتوقع محللون أن الطروحات الحكومية الكبرى قد تتأجل على المدى القصير، بينما قد تمضي الطروحات الصغيرة قدمًا دون تأثيرات جوهرية.
لكن في المقابل، تستمر بعض الشركات السعودية مثل المتخصصة الطبية وسبورتس كلوب ودار الماجد للتطوير العقاري في إجراءات الاكتتاب، وهو ما يدل على أن الثقة بالاقتصاد المحلي ما زالت قوية، حتى وسط الضبابية السياسية في المنطقة.
هل يتأثر سوق العقارات السعودي مباشرةً؟
حتى اللحظة، لا توجد مؤشرات على تراجع فعلي في النشاط العقاري بالسعودية.
بل على العكس، تستمر عمليات البيع والشراء، خصوصًا في القطاعات السكنية، مدعومة بطلب محلي قوي، ومبادرات حكومية تحفيزية، مثل برامج سكني ومستهدفات رؤية السعودية 2030 لزيادة نسب التملك.
ويرى أكبر خان، الرئيس التنفيذي بالوكالة لشركة “الريان للاستثمار”، أن الأسواق الإقليمية تظهر مرونة لافتة، لكن أي صدمة محتملة في إمدادات النفط قد تعيد ترتيب أولويات المستثمرين.
ولأن الاقتصاد السعودي يستفيد مباشرة من ارتفاع أسعار النفط، فإن ارتفاع خام برنت إلى 75 دولارًا للبرميل يشكل عامل دعم لا عامل تهديد للاقتصاد، مما يعزز ثقة المستثمرين في قطاع العقار كملاذ طويل الأجل.

قراءة في سلوك المستثمرين العقاريين
يرى محللو الأسواق المالية مثل تركي الغفيلي ومحمد المغيري، أن السوق السعودية تُبدي قدرًا من الاطمئنان والمرونة، مع وجود رغبة متزايدة لدى المستثمرين لاقتناص الفرص، خصوصًا بعد انخفاض نسبي في أسعار بعض الأصول.
ويشير الغفيلي إلى أن الانخفاضات السعرية الأخيرة لم تؤثر سلبًا، بل عززت شهية المستثمرين العقاريين.
أما المغيري فيلفت إلى أن المؤشرات الفنية لا تعكس توترًا حادًا، بل تشير إلى تحركات مستقرة للمؤشر العام، وابتعاده عن مناطق الخطر، ما يُفسر استمرار الثقة في السوق بشكل عام، والعقارات بشكل خاص.
التقييم العام ل سوق العقارات السعودي: الحذر مطلوب لكن الانهيار مستبعد
ورغم احتمالية تصاعد النزاع إلى مواجهات مفتوحة، إلا أن التجارب السابقة في الشرق الأوسط أظهرت أن الأسواق تعود إلى طبيعتها بسرعة، ولا تؤثر الحروب قصيرة الأمد على الأداء الاقتصادي طويل المدى، وفقًا لما أشار إليه تقرير من جيه بي مورغان تشيس.
كما أن الاقتصادات الخليجية، وعلى رأسها السعودية، تمتلك أدوات مالية قوية واحتياطيات كافية، تجعلها قادرة على امتصاص الصدمات، لا سيما في ظل وجود سياسات حكومية مرنة، واستمرار الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والعقار.
كلمة أخيرة
سوق العقارات السعودي قد يتأثر على المدى القصير بمستوى الحذر لدى المستثمرين، لكنه لن يشهد تراجعًا حادًا أو انسحابًا جماعيًا، خاصة أن ارتفاع أسعار النفط يعوّض أي ضرر محتمل، والثقة بالاقتصاد المحلي تبقى عالية.
ومع استمرار الحكومة في تنفيذ مشروعات الإسكان والتطوير، فإن السوق يبقى جذابًا، وإن كان المشهد الإقليمي يتطلب مراقبة دقيقة خلال الأسابيع القادمة.