في وقت كانت فيه أنظار العالم تتجه بقلق إلى شبه القارة الهندية، حيث تصاعد التوتر بين اثنتين من كبرى القوى النووية، الهند وباكستان، برزت المملكة العربية السعودية كصوت حكمة وسلام، تتحرك بهدوء ودراية في لحظة حساسة قد تُعيد تشكيل ملامح الأمن الإقليمي.
مكالمتين للهند وباكستان
وسط أجواء إقليمية متوترة وتحليلات دولية تخشى اندلاع مواجهة كارثية، جاء تحرّك صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية السعودي، بمثابة تدخل دبلوماسي عاجل يحمل بصمات الخبرة والاتزان، فقد أجرى سموه، اتصالين هاتفيين منفصلين مع كل من وزير الشؤون الخارجية الهندي الدكتور سوبراهمانيام جايشانكار، ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني السيد إسحاق دار، في مسعى سعودي واضح لتهدئة التوتر بين الجانبين.
وفي المكالمتين، عرض سموه رؤية المملكة القائمة على التهدئة والحوار، مؤكدًا أن المملكة لا تكتفي بالمراقبة، بل تسعى بدورها المتوازن إلى تقريب وجهات النظر، انطلاقًا من علاقاتها القوية بكلا البلدين وثقلها السياسي في المنطقة.
وأكد الأمير فيصل أن الاستقرار في جنوب آسيا ليس خيارًا بل ضرورة، وأن المملكة تدعم بقوة الحلول السلمية والدبلوماسية التي تجنب المنطقة تداعيات نزاع محتمل لا تُحمد عقباه.
تحرك ميداني يعكس جدية المملكة
وفي تحرك ميداني يعكس جدية المملكة، وبتوجيه من القيادة الرشيدة – حفظها الله، قام معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية وعضو مجلس الوزراء ومبعوث شؤون المناخ الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، بزيارة رسمية إلى جمهورية الهند وجمهورية باكستان الإسلامية خلال يومي 8 و9 مايو 2025م، وجاءت الزيارة ضمن مساعي المملكة لاحتواء الأزمة، ووقف أي تصعيد عسكري، ودعم قنوات الحوار والتفاهم المباشر بين الطرفين.
التحرك السعودي لم يكن مفاجئًا للمراقبين؛ فالمملكة تمتلك رصيدًا طويلًا من الوساطات الإقليمية والدولية الناجحة، وتاريخًا من الدبلوماسية الهادئة التي أثبتت قدرتها على التأثير في لحظات الأزمات الكبرى.
وفي ظل هذا التصعيد بين قوتين نوويتين، تبقى جهود المملكة علامة فارقة على الساحة الدولية، تؤكد أنها لا تزال مرتكزًا إقليميًا للاستقرار، وجسرًا للحوار بين الأمم، حين تشتد الحاجة لصوت عاقل وسط ضجيج السلاح.