يقول العلماء إن فطرًا معويًا شائعًا قد يُسهم في تطوير علاجات جديدة لأحد أكثر اضطرابات الكبد المزمنة شيوعًا في العالم.
تُصيب هذه الحالة، المعروفة باسم مرض الكبد الدهني الحاد المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MAFLD)، أكثر من واحد من كل أربعة بالغين حول العالم.
كان يُعرف الفطر سابقًا بمرض الكبد الدهني غير الكحولي، ويمكن أن يؤدي إلى خلل في التمثيل الغذائي، والتهاب وتليف، أو تندب، في الكبد.
معجزة طبية
تُسمى هذه المرحلة المتقدمة من الحالة التهاب الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASH)، فعلى الرغم من شيوع هذه الحالة، لم توافق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلا على دواء واحد لعلاج MASH، وهو لا يُجدي نفعًا مع الجميع. لذا، يستكشف العلماء الآن، في دراسة جديدة، آثار فطر يُسمى Fusarium foetens وإمكاناته العلاجية.
قال تشانغتاو جيانغ، الأستاذ البارز ونائب عميد كلية العلوم الطبية الأساسية بجامعة بكين في الصين: “إن التأثيرات الفريدة لفطر F. foetens معجزة حقًا”.
يصف جيانغ هو المؤلف الرئيسي لتقرير البحث، نُشر في الأول من مايو/أيار في مجلة ساينس. حتى الآن، اقتصرت دراسة هذا الفطر على التجارب المعملية التي شملت عينات سريرية بشرية وفئران. ويعتزم الباحثون مستقبلًا دراسة آثاره على جسم الإنسان.
قدرة الفطر على العلاج
قبل الدراسة الجديدة، كان العلماء على دراية بتأثير الأمعاء وميكروبيومها على تطور مرض التهاب الكبد الوبائي (MASH)، لأن الكبد معرض بشدة لمخلفات ميكروبات الأمعاء، ومع ذلك، لم تكن المعلومات المتعلقة بالكائنات الدقيقة والجزيئات المعنية بالأمر كثيرة.
في الواقع، على الرغم من تعمق دراسة بكتيريا الأمعاء، إلا أن المعلومات المتوفرة عن فطريات الأمعاء قليلة.
ويعود ذلك جزئيًا إلى تنوع احتياجات فطريات الأمعاء الغذائية وتعقيدها، مما يجعل نموها في المختبر صعبًا، كما أن العينات تتلوث بسهولة لأن أبواغها تنتقل عبر الهواء.
صرح جيانغ لموقع لايف ساينس عبر البريد الإلكتروني: “غالبًا ما تُسمى فطريات الأمعاء بـ”المادة المظلمة” للنظام البيئي المعوي الدقيق”.
لكن في أحدث أعمالهم، لم يكتفِ الباحثون بتحديد كيفية تأثير فطريات F. foetens على MASH، بل حددوا أيضًا الجزيئات والمستقلبات المعنية. لتحديد نوع الفطر، جمع الباحثون عينات براز من 100 شخص من خمس مناطق في الصين.

نظام نمو خاص
فيما استخدم العلماء نظامًا خاصًا لنمو الفطريات داخل كل عينة في المختبر، حيث يهدف النظام إلى محاكاة الأمعاء الحقيقية “قدر الإمكان”، كما أوضح جيانغ.
ويتضمن ذلك غمر رقائق صغيرة في مستخلص برازي، حيث تحتوي كل رقاقة على حجرات مملوءة بمادة تشبه الجيلي، ممزوجة بمستخلصات من عينات البراز.
كل حجرة مغطاة بغشاء مصمم للسماح بدخول العناصر الغذائية من البراز إلى حجرة الانتشار دون السماح للميكروبات بالهروب عبر المسام نفسها.
ووفقًا لكيم لويس، أستاذ علم الأحياء في جامعة نورث إيسترن والمتخصص في علاجات الميكروبيوم، والذي لم يشارك في البحث، كان هذا النظام بمثابة تقنية “زراعة ذكية” لعزل أنواع مختلفة من الفطريات.
نتائح الاختبارات المعملية
بالإضافة إلى تحليل عينات من الصين، درس الفريق بيانات منشورة من دراسات أخرى حول الفطريات المعوية، والتي شملت متطوعين من ثماني دول أخرى، وقد مكّنهم ذلك من تحديد أكثر سلالات الفطريات شيوعًا في الأمعاء، ليس فقط في الصين، بل في جميع أنحاء العالم.
وساعدت دراسة البيانات من جميع أنحاء العالم في ضمان تغطية العينات لمجموعة واسعة من الأنظمة الغذائية والتعرضات البيئية، حيث يُشكل كلا العاملين ميكروبيوم الأمعاء.
وأشار جيانغ إلى أن “سكان المدن عادةً ما يُظهرون تنوعًا أقل في ميكروبات الأمعاء مقارنةً بسكان الريف، ويرجع ذلك على الأرجح إلى انخفاض الاتصال بالبيئات الطبيعية وزيادة استخدام المضادات الحيوية”، لأن الفطريات تنتشر عبر الهواء، قارن الباحثون مجتمعات فطرية نمت من الهواء وأخرى من عينات معوية لتحديد تلك التي يُحتمل أن تكون ملوثة.
كما اختبر الفريق مدى قدرة سلالات الفطريات على تحمل درجة حرارة الأمعاء – حوالي 37 درجة مئوية (98.6 درجة فهرنهايت) ونقص الأكسجين في الأمعاء.
من خلال هذه التجارب، وجد الباحثون أنه في جميع عينات البراز، برزت F. foetens باعتبارها السلالة الأكثر شيوعًا والأكثر احتمالًا للنمو في الأمعاء.