محمد عبده.. في ليلة مليئة بالعاطفة والشجن، أحيا الفنان السعودي محمد عبده حفلًا فنيًا استثنائيًا في دار الأوبرا المصرية مساء أمس، عائدًا بعد غياب دام نحو ست سنوات، إذ كانت آخر حفلاته على مسرح الأوبرا في 2019.
حفلة محمد عبده لم تكن مجرد عودة عادية، بل كانت بمثابة رحلة فنية جديدة تأتي بعد محنة صحية قاسية، حيث أثار الحفل اهتماماً كبيراً بعد أن تصدر اسمه محرك البحث “جوجل” عقب الحفل.
بدأ الحفل بأغنيته الشهيرة “لا تسرق الوقت (خواف)”، التي لاقت تفاعلًا قويًا من الجمهور، حيث بدأ التصفيق الحار يتردد في أرجاء المسرح، ليؤكد الاشتياق الكبير لصوت “فنان العرب”.
واصل عبده تقديم باقة من أشهر أعماله التي توارثها الأجيال مثل “يا جنة الدنيا”، “ما على هالليل حارس”، “خذ فؤادي”، “أحد سأل عني”، “المدينة”، “أكتب لها حرف”، و”أحبك”.
وفي الختام، أهدى محمد عبده جمهور الأوبرا أغنيته الوطنية “مملكتنا وبس”، التي شدت بها الجماهير في وحدة وطنية.
وفي واحدة من اللحظات المؤثرة، أهدى عبده أغنيته “أحبك” لكل أب لديه ابنة، مما جعل الأجواء مليئة بالشجن والحنين، لم يكن الحفل مجرد أمسية موسيقية، بل كان مسرحًا للشعور العميق والتواصل الحقيقي بين الفنان وجمهوره. وتفاعل الحضور بشكل خاص مع الأغاني التي امتزج فيها الحنين بالعاطفة، معبرين عن تقديرهم لصوت محمد عبده الذي لم يتغير رغم مرور السنوات.
عودة بعد معركة مع المرض
لكن الأبعاد الشخصية لهذا الحفل كانت أكثر من مجرد كونه لقاءً فنيًا. في مايو 2024، تعرض محمد عبده لصدمة عندما تم الإعلان عن إصابته بمرض السرطان.
خبر أصاب محبيه بالدهشة، لكنه كان بداية لمشوار جديد في حياته. محمد عبده، الذي غاب عن الأضواء فترة قصيرة لتلقي العلاج في باريس، عاد بشجاعة وأمل، ليقدم هذا الحفل كأول ظهور له بعد تعافيه من المرض.
يُعتبر هذا الحفل بمثابة إثبات على إرادة الفنان السعودي، الذي رغم التحديات الصحية، اختار أن يعود لجمهوره ويحتفل معهم بمسيرته الفنية الطويلة، مستعرضًا مسيرته التي تمتد لعقود من الزمن.
محمد عبده والجمهور المصري
لا يمكن فصل علاقة محمد عبده بالجمهور المصري عن تاريخ طويل من التعاون الفني الذي بدأ في السبعينات، كانت أولى إطلالاته على الساحة المصرية في حفل “أضواء المدينة” في أغسطس 1972، ومنذ ذلك الحين أصبحت له مكانة خاصة في قلوب المصريين.
وقد أسس عبده لنفسه قاعدة جماهيرية عريضة، ليس فقط في السعودية ولكن في كافة أنحاء العالم العربي، تحديدًا في مصر حيث كان يعتبر كل حفل له مناسبة خاصة.
ألبومه الأخير
من جهة أخرى، يُذكر أن محمد عبده طرح في نوفمبر 2024 ألبومه الأخير، الذي ضم 7 أغنيات جديدة حققت نجاحًا واسعًا في الوطن العربي، من أبرز الأغاني التي لاقت إعجاب الجمهور: “المدينة”، “يا جنة الدنيا”، “بين الوجيه”، “الله يجازي”، “أحبك”، “أكتب لها حرف”، و”خذ فؤادي”.
حفل محمد عبده في دار الأوبرا المصرية لم يكن فقط مناسبة فنية، بل كان احتفالًا بالنجاح، الصمود، والحب الذي يربط بين الفنان وجمهوره، وعاد “فنان العرب” ليبرهن للجميع أن الفن لا يقهره الزمن ولا المرض، وأن صوته سيظل في قلوب محبيه إلى الأبد.