في خطوة تمثل تقدماً علمياً مهماً في مجال علوم النبات ومناعة المحاصيل، تواصل الدكتورة فاطمة عبدالحكيم، الباحثة السعودية بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، جهودها لفهم آليات الدفاع الطبيعية التي تستخدمها النباتات لمواجهة الأمراض والظروف البيئية القاسية، بهدف تسخير هذه الآليات في تطوير محاصيل زراعية أكثر مقاومة وقدرة على التحمل.
باحثة سعودية تفوز بجائز علمية عالمية
تركز الدكتورة فاطمة في أبحاثها على دراسة بروتين يرتبط بالحمض النووي الريبوزي (RNA)، وهو بروتين محفوظ لدى جميع الكائنات الحية ذات النواة. ورغم أن دوره دُرس على نطاق واسع في الكائنات الثديية، فإن وظيفته في النباتات بقيت غير مفهومة لفترة طويلة.
يأتي هذا التكريم ضمن الدورة الثانية عشرة للبرنامج الذي يهدف إلى دعم الباحثات العربيات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وقد كرّم منذ انطلاقه العالمي عام 1998 أكثر من 4,700 عالمة من 140 دولة، ويمثل منصة مؤثرة لدعم المواهب النسائية في المنطقة.
ويُعد البرنامج جزءًا من مبادرة عالمية كرمت منذ عام 1998 أكثر من 4,700 عالمة من 140 دولة، مما يعكس أهميته في دعم المواهب النسائية ومنحهن منصات مؤثرة لتعزيز حضورهن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وتبرز هذه المبادرة الرائدة في إبراز البحوث العلمية الثورية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتؤكد دور المرأة في معالجة التحديات العصرية المعقّدة، بينما تلهم الأجيال الجديدة لخوض مسارات علمية واعدة.
وتأتي هذه الجائزة الإقليمية ضمن البرنامج العالمي «لوريال – اليونسكو من أجل المرأة في العلم» الذي كرّم منذ عام 1998 أكثر من 4,700 باحثة و140 فائزة عالمية من 140 دولة، من بينهن 63 باحثة من منطقة الخليج تلقّين مجتمعات ما يقارب 3.8 مليون درهم إماراتي لدعم بحوثهن ورعايتها.
وفي هذا السياق، قال لوران دوفييه، المدير الإداري للوريال الشرق الأوسط: ” يستمرّ البرنامج منذ اثني عشر عاماً في إعلاء صوت الباحثات العربيات بطريقة تعزّز الخيال العلمي، وتُحفّز الإبداع الإقليمي، وترتقي في الوقت نفسه بالتطوّرات العلمية على مستوى العالم. كما يسلّط الضوء على الأثر العميق الذي تتركه الباحثات يوماً بعد يوم في مختلف الحقول، من ابتكارات ثورية تعيد تشكيل مستقبل العلوم، إلى حلول عملية تُعالج تحديات العصر وتُلهم الجيل الجديد من صنّاع القرار، فتمكين النساء في قطاع العلوم ليس ضرورة معنوية فحسب، بل قوة دافعة لإحداث تحوّلات كبرى، وتحفيز الابتكار، وصياغة إرث علمي مستدام يمتدّ أثره ليشمل المنطقة بأسرها.”
وتكشف الدكتورة فاطمة من خلال أبحاثها أن هذا البروتين يعمل كمفتاح جزيئي ينظم الإشارات المناعية في النباتات، ويسهم في إدارة استجابتها للضغوط البيئية من خلال عملية الفسفرة؛ وهي عملية حيوية تضيف فيها الخلايا مجموعة فوسفاتية للبروتين، ما يؤدي إلى تغيير بنيته وطريقة عمله.
حُبيبات الإجهاد… آلية خلوية لإنقاذ النبات تحت الضغط
وخلال دراستها لكيفية استجابة النباتات للإجهاد الحراري، توصلت الباحثة السعودية إلى دور مهم لهذا البروتين في تشكيل ما يعرف بـ “حُبيبات الإجهاد”؛ وهي تراكيب خلوية صغيرة تتجمع فيها البروتينات وجزيئات الـ mRNA بهدف حماية الخلية وإعادة تنظيم أنشطتها أثناء التعرض للضغط.
وبفضل تقنيات دقيقة لعزل هذه الحُبيبات، استطاعت الدكتورة فاطمة تحديد مكوّناتها وفهم كيفية مساهمتها في إعادة توجيه العمليات الخلوية، بما يمكّن النبات من الصمود في ظروف الحرارة والجفاف والأمراض.
اكتشافات تمهّد لعصر جديد من المحاصيل المقاومة
تشكل نتائج هذه الأبحاث أساساً علمياً واعداً لتطوير محاصيل زراعية أكثر مناعة وقدرة على تحمّل التغيرات المناخية، مع تقليل الحاجة لاستخدام المبيدات وتعزيز الإنتاجية الزراعية. ويُعد هذا الإنجاز خطوة مهمة لدعم الأمن الغذائي في المملكة والعالم، في وقت تتزايد فيه الضغوط البيئية على الأنظمة الزراعية.
باحثة سعودية تثري الساحة العلمية الدولية
بهذا الجهد البحثي، تواصل الدكتورة فاطمة عبدالحكيم تعزيز حضور الباحثين السعوديين في المحافل العلمية العالمية، مؤكدةً قدرة الكفاءات الوطنية على الإسهام في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات البيئية والغذائية التي تواجه البشرية.
إلى جانب تكريم الباحثة السعودية، احتفى البرنامج بمجموعة من الباحثات العربيات المتميزات في عدة مجالات علمية:
• الدكتورة آيات سمير حمّاد – الأردن/قطر
أكدت أن فوزها يمثل خطوة جوهرية في دراستها للميكروبيوم وتأثيره في السرطان وأمراض القلب والجروح المزمنة.
• الدكتورة فاطمة بهمن – الكويت
اعتبرت أن الدعم يرسّخ دور العلم في مواجهة أمراض السمنة والسكري ويدفع نحو مستقبل صحي أفضل.
• الدكتورة نادين حسني السعيد – مصر/الإمارات
أشارت إلى أن التكريم يمنح دفعة قوية لأبحاثها في الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر ودوره في الأمراض المعقدة.
• Aعهود الغدانية – عُمان
أكدت أن الدعم يفتح الباب أمام تحويل الأبحاث المتعلقة بالفاقد بعد الحصاد إلى حلول عملية تعزز الاستدامة الغذائية.
















