في إنجاز طبي غير مسبوق على مستوى العالم، تمكن فريق طبي في مستشفى د. سليمان الحبيب لصحة المرأة بالرياض من إنقاذ حياة سيدة حامل بجنينين في آن واحد، أحدهما داخل الرحم والآخر في الأنبوب الأيسر (حمل مهاجر)، مع الحفاظ على الحمل الطبيعي حتى نهاية الشهر التاسع وولادة الطفل بصحة جيدة.
مستشفى د. سليمان الحبيب
قاد الفريق الجراحي د. خالد عكور، استشاري جراحة الأورام النسائية والمناظير والمدير الطبي للمستشفى، بالتعاون مع د. مها يوسف، استشارية النساء والولادة، حيث تم إجراء عملية دقيقة بالمنظار الجراحي للسيدة البالغة من العمر 33 عامًا، التي كانت في الأسبوع الرابع عشر من الحمل، وهي مرحلة متقدمة تجعل التدخل الجراحي محفوفًا بالمخاطر.
الحالة الأولى عالميًا
أوضح د. عكور أن مراجعة محركات البحث الطبية العالمية أظهرت أن هذه هي الحالة الأولى المسجلة عالميًا التي يُجرى فيها استئصال حمل مهاجر بهذا العمر المتقدم عبر المنظار الجراحي مع الاحتفاظ بالحمل داخل الرحم حتى الولادة الطبيعية دون مضاعفات، معتبرًا أن هذا النجاح “يعكس المستوى العالمي الذي بلغته جراحات المناظير في المملكة ومستشفيات مجموعة الحبيب”.
وأضاف أن المريضة حضرت إلى طوارئ المستشفى وهي تشكو من آلام حادة في البطن، وكشفت الفحوصات عن وجود حملين متزامنين في بداية الشهر الرابع: أحدهما داخل الرحم، والآخر في الأنبوب الأيسر. وبعد إجراء الفحوصات الدقيقة، تبين أن الحمل المهاجر لم يكن داخل الأنبوب بل خلفه، في تجويف البطن، مع مشيمة كبيرة ملتصقة بالمستقيم والأمعاء، وهو ما يجعل الجراحة بالمنظار خيارًا بالغ الخطورة.
قرار جريء وعملية ناجحة
رغم تعقيدات الحالة، قرر الفريق الطبي – بعد مناقشات دقيقة – الاستمرار بالتدخل عبر المنظار الجراحي بدلاً من شق البطن التقليدي، لتقليل المضاعفات المحتملة والحفاظ على الحمل داخل الرحم.
ونجح الفريق في استئصال الحمل المهاجر والمشيمة بالكامل، والسيطرة على النزيف عبر المنظار، دون التأثير على الجنين الآخر، في عملية استثنائية تكللت بالنجاح التام.
وأوضح د. عكور أن المريضة بقيت تحت الملاحظة في العناية المركزة لمدة أربعة أيام فقط قبل خروجها بحالة مستقرة، واستمرت متابعتها الدورية طوال ستة أشهر حتى وصلت إلى الأسبوع الـ39 من الحمل، حيث وضعت مولودها طبيعيًا وبصحة ممتازة.
تفادي مضاعفات الجراحة التقليدية
من جانبها، أكدت د. مها يوسف أن استخدام المنظار الجراحي كان خيارًا حاسمًا لتجنب مضاعفات الجراحة المفتوحة، مثل النزيف المفرط، والتأخر في التعافي، واحتمالات الإجهاض أو الولادة المبكرة. وأضافت أن هذا الأسلوب “مكّن المريضة من استعادة حياتها الطبيعية سريعًا، ومواصلة حملها بأمان حتى الولادة”.
إنجاز سعودي جديد في الطب الدقيق
ويُعد هذا الإنجاز علامة فارقة في تاريخ الطب النسائي والجراحة بالمنظار، إذ يثبت قدرة الكوادر الطبية السعودية على التعامل مع الحالات المعقدة وفق أعلى المعايير العالمية. كما يعزز مكانة مستشفى د. سليمان الحبيب لصحة المرأة كمركز إقليمي متقدم في جراحات المناظير الدقيقة وأمراض النساء عالية الخطورة.
وختم د. عكور تصريحه مؤكدًا أن هذا النجاح “يمثل إضافة مهمة للمنجزات الطبية الوطنية، ويبرهن على ما وصلت إليه المملكة من تميّز في الخدمات الصحية والتقنيات الطبية المتطورة التي تواكب رؤية السعودية 2030 في قطاع الصحة”.


















