قد يظن البعض أن خطر أشعة الشمس ينحصر على الشواطئ أو عند قضاء وقت طويل في الهواء الطلق، لكن الحقيقة أن البشرة تكون عرضة لتأثيرات خطيرة حتى داخل الطائرة. إذ يؤكد خبراء الأمراض الجلدية أن وضع واقٍ من الشمس قبل وأثناء الرحلات الجوية ليس رفاهية، بل ضرورة لحماية البشرة من أضرار لا يراها الركاب مباشرة لكنها تترك آثارًا طويلة المدى.
التحليق على ارتفاعات عالية يزيد من خطورة الأشعة
تحلّق الطائرات عادة على ارتفاع يصل إلى 30 ألف قدم، حيث تكون طبقة الأوزون أرق ويقل دور الغلاف الجوي في امتصاص الأشعة فوق البنفسجية. وأظهرت دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية JAMA أن الطيارين الذين يحلّقون لمدة ساعة على هذا الارتفاع يتعرضون لكمية إشعاع تعادل جلسة تسمير على الشاطئ لمدة 20 دقيقة دون واقٍ شمسي. وتُعتبر هذه الأشعة من النوع (UVA) القادر على اختراق الجلد بعمق وإتلاف الحمض النووي، ما يسبب الشيخوخة المبكرة وسرطان الجلد، خاصة لمن يجلسون بجوار النوافذ غير المصممة لحجب هذا النوع من الأشعة، حيث تصل نسبة تسربها إلى 53%.
الجفاف داخل الطائرة يزيد من حساسية البشرة
هواء مقصورة الطائرة يحتوي على نسبة رطوبة منخفضة تصل إلى 20% فقط، مقارنة بالمستويات المثالية التي تتراوح بين 40 و60%. هذا الجفاف يجرد البشرة من زيوتها الطبيعية، ويجعلها أكثر عرضة للتلف. وعندما يجتمع الجفاف مع الأشعة فوق البنفسجية، تتشكل بيئة مثالية لتسريع شيخوخة البشرة وظهور التجاعيد. لذلك يُوصي الخبراء باستخدام واقٍ شمسي مُرطِّب أثناء الرحلة للمحافظة على رطوبة الجلد وحمايته في آن واحد.
مخاطر إضافية عند الطيران فوق السحب والثلوج
تشير الدراسة المنشورة في JAMA أيضًا إلى أن مستويات الأشعة فوق البنفسجية ترتفع بشكل كبير عند الطيران فوق السحب الكثيفة أو الجبال المغطاة بالثلوج، حيث يمكن أن تصل نسبة الانعكاس إلى 85%. هذا يعني أن الخطر لا يرتبط فقط بوضوح الشمس، بل قد يكون أشد في أجواء غائمة أو باردة، مما يجعل وضع واقي الشمس واسع الطيف بتركيز حماية 50 أمرًا ضروريًا حتى في الأيام غير المشمسة.
إعادة وضع واقي الشمس أثناء الرحلات الطويلة
توضح الخبيرة في الأمراض الجلدية التجميلية أن الرحلات الجوية الطويلة قد تسبب تعرضًا مطولًا للأشعة فوق البنفسجية والهواء الجاف داخل المقصورة، وهو ما يزيد من تراكم الأضرار على البشرة. لذلك يُنصح بإعادة وضع واقي الشمس أثناء الرحلة، خاصة بعد القيلولة أو قبل الهبوط، على مناطق الوجه والرقبة والأذنين واليدين، لضمان حماية مستمرة من الأشعة المتسربة من نوافذ الطائرة.
الأشعة فوق البنفسجية وراء معظم حالات سرطان الجلد
كشفت دراسة جديدة صادرة عن الوكالة الدولية لبحوث السرطان، ونُشرت في المجلة الدولية للسرطان (IJC)، أن أكثر من 80% من حالات سرطان الجلد الميلانيني في العالم ناتجة عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية. ففي عام 2022، سُجلت نحو 332 ألف إصابة بالميلانوما، كان منها 267 ألف حالة مرتبطة مباشرة بالتعرض لهذه الأشعة، أي ما يعادل 83%. وأسفرت هذه الحالات عن وفاة ما يقارب 58,700 شخص، مع تسجيل نسب أعلى بين الرجال (86%) مقارنة بالنساء (79%).
أطقم الطائرات أكثر عرضة للإصابة
أكدت دراسة أخرى نُشرت في مجلة JAMA Dermatology أن الطيارين ومضيفي الطيران أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد بمعدل يساوي ضعف عامة السكان. ورغم أن السبب المباشر لذلك لا يزال غير محسوم، إلا أن التعرض المستمر للأشعة فوق البنفسجية على ارتفاعات عالية يعد من أبرز العوامل التي تفسر ارتفاع معدلات الإصابة لديهم.
نصائح من الجمعيات الجلدية العالمية
تشير الجمعيات الجلدية الدولية، مثل الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية (American Academy of Dermatology – AAD)، إلى أن استخدام واقي الشمس لا يقتصر على الشاطئ أو الأيام المشمسة فقط، بل يجب تطبيقه حتى أثناء الرحلات الجوية الطويلة، خاصة عند الجلوس بجوار النافذة. فالأشعة فوق البنفسجية قادرة على التسلل عبر زجاج الطائرات والتسبب بأضرار تراكمية للبشرة.