في خطوة تعكس التحول العميق الذي تشهده المملكة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، كشفت الهيئة العامة للإحصاء (GASTAT) في تقريرها الفصلي للربع الثالث من عام 2024 عن ارتفاع نسبة مشاركة النساء السعوديات في القوى العاملة إلى 36.2%، بزيادة بلغت 0.8 نقطة مئوية عن الربع السابق، فيما وصلت نسبة التوظيف بين النساء إلى 31.3%.
مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل
ويُعد هذا الإنجاز تتويجًا لسلسلة من الإصلاحات والسياسات الوطنية الرامية إلى تمكين المرأة، وجعلها شريكًا رئيسيًا في بناء اقتصاد متنوع ومستدام. وتؤكد هذه الأرقام أن المملكة تجاوزت بالفعل الهدف المحدد في رؤية 2030، والذي كان يطمح إلى رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 30%.
قفزة تاريخية في زمن قياسي
وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أغسطس 2025، فإن هذه النسبة تمثل أكثر من ضعف ما كانت عليه قبل خمس سنوات، حيث لم تكن تتجاوز آنذاك 20%. وبهذا تكون المملكة قد حققت أحد أسرع معدلات النمو في مشاركة المرأة في سوق العمل على مستوى العالم.
دعم استراتيجي وبرامج تمكين فعالة
ويرجع هذا النمو اللافت إلى حزمة من السياسات والبرامج التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وعلى رأسها استراتيجية تمكين المرأة، إلى جانب الدعم المؤسسي من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
كما ساهم توسع فرص العمل المتاحة للنساء، لا سيما في القطاعات الحديثة مثل التقنية، السياحة، الخدمات المالية، والصناعات الإبداعية، في تسريع هذا التحول.
التزام سياسي ورؤية مستقبلية
وأكد وزير المالية السعودي أن المملكة تتطلع الآن إلى رفع نسبة مشاركة المرأة إلى 40% بحلول 2030، ما يعكس التزام القيادة السعودية – ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان – بترسيخ مبادئ الشمول الاقتصادي والمساواة في الفرص ضمن الأجندة الوطنية.
مكاسب اقتصادية وجاذبية استثمارية
ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، فإن كل زيادة بنسبة 1% في مشاركة المرأة يمكن أن تضيف مليارات الريالات إلى الناتج المحلي الإجمالي، ما يعزز من تنافسية الاقتصاد السعودي وجاذبيته للاستثمارات الأجنبية.
تحول نوعي في الحضور النسائي
لم يعد تمثيل المرأة السعودية محصورًا في قطاعات محددة، بل أصبحت جزءًا من الصفوف الأمامية في المحافل الإقليمية والدولية، في مشهد يعكس تحولًا نوعيًا في النظرة المجتمعية والسياسات الوطنية تجاه دور المرأة.
دعم السعودية الكبير للمرأة.. من الرؤية إلى الريادة
الرياض – لم يعد تمكين المرأة في السعودية مجرد هدف تنموي، بل أصبح واقعًا ملموسًا ومكونًا أساسيًا في رؤية المملكة 2030. فقد شهدت السنوات الأخيرة تحولًا تاريخيًا في حضور المرأة السعودية على مختلف الأصعدة، مدعومًا بتوجيهات القيادة، وإصلاحات تشريعية ومبادرات تنموية شاملة.
رؤية واضحة.. وخطوات ثابتة
أولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان اهتمامًا بالغًا بملف تمكين المرأة، حيث تم تضمينه كأحد محاور رؤية 2030، التي نصّت على أهمية تعزيز مشاركة المرأة في التنمية، ورفع مساهمتها في سوق العمل، وإتاحة الفرص لها في مواقع القيادة واتخاذ القرار.
تحولات تشريعية ومجتمعية
خلال فترة وجيزة، أُقرّت العديد من التعديلات التي دعمت حرية المرأة في العمل والتنقل والتعليم، وأُلغيت القيود السابقة التي كانت تُعيق مشاركتها. كما أصبح بإمكان المرأة تولي مناصب قيادية، والدخول في قطاعات كانت حكرًا على الرجال، كـ السلك الدبلوماسي، القضاء، الصناعات الدفاعية، والتقنية.
أرقام تتحدث عن نفسها
بلغت نسبة مشاركة النساء السعوديات في القوى العاملة 36.2% بنهاية الربع الثالث من عام 2024، بحسب الهيئة العامة للإحصاء، متجاوزةً هدف رؤية 2030 البالغ 30% قبل موعده. وتشير التقارير الدولية إلى أن المملكة تشهد أسرع معدلات نمو في تمكين المرأة عالميًا خلال السنوات الخمس الماضية.
برامج وطنية رائدة
دعمت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية سلسلة من البرامج النوعية مثل:
برنامج قرة لدعم حضانة الأطفال للأمهات العاملات.
برنامج وصول لتسهيل التنقل.
بوابة مرن لفرص العمل الجزئي والمرن.
برامج دعم الأجور والتدريب المهني للنساء الباحثات عن عمل.
حضور في المحافل الدولية
باتت المرأة السعودية اليوم سفيرة، وملحقًا ثقافيًا، وعضوًا في وفود المملكة لدى الأمم المتحدة ومجموعة العشرين، وتشارك بفعالية في المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية والثقافية العالمية، في صورة جديدة تعكس وجه السعودية الحديث.
أثر اقتصادي واجتماعي واسع
لا يقتصر دعم المرأة على تمكين فردي، بل ينعكس بشكل مباشر على النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. فزيادة مشاركة المرأة ترفع من الإنتاجية، وتوسّع قاعدة المستهلكين، وتُسهم في تعزيز الابتكار، وهو ما يجعل تمكينها استثمارًا وطنيًا إستراتيجيًا.