المحتويات
- تصنيف الأنشطة الصناعية حسب التأثير البيئي
- تأثير القرار على قيم الأراضي واستخداماتها والسوق العقاري
- الالتزام بالضوابط البيئية ومتابعة الأداء
- أمثلة عالمية ملهمة للتكامل الصناعي الحضري
- فرص عقارية واعدة وتوجهات استثمار جديدة في السوق العقاري
- مخاوف من التوسع غير المنضبط وأهمية التخطيط الذكي
- تغير في أنماط الطلب العقاري
تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا كبيرًا في المشهد الحضري والسوق العقاري، بعد إعلان وزارة الصناعة والثروة المعدنية السماح بمزاولة 46 نشاطًا صناعيًا منخفض التأثير البيئي داخل المدن وعلى الشوارع التجارية.
هذا القرار يأتي استنادًا إلى نتائج أعمال لجنة مركزية مشتركة ضمت ثماني جهات حكومية، ما يضع القطاع العقاري أمام مرحلة حاسمة من إعادة التكيّف مع تغيرات جديدة في استخدامات الأراضي والأنشطة الحضرية.
تصنيف الأنشطة الصناعية حسب التأثير البيئي
الأنشطة الصناعية التي تم السماح بها داخل الشوارع التجارية جاءت بعد دراسة شاملة غطت 1,143 نشاطًا صناعيًا.
وقد تم تصنيف هذه الأنشطة إلى ثلاث فئات رئيسية: أنشطة عالية المهارة، وأنشطة ماهرة، وأنشطة أساسية، مع تركيز خاص على الأنشطة ذات التأثير البيئي المنخفض.
ووفق ما أعلنته الوزارة، تبدأ المرحلة الأولى في 6 يوليو 2025، وتركز على إعادة تصنيف العمالة والمنشآت القائمة داخل المدن.
أما المرحلة الثانية، فتنطلق في 3 أغسطس 2025، وتشمل المنشآت الصناعية الجديدة التي ستُقام داخل النطاق العمراني.

تأثير القرار على قيم الأراضي واستخداماتها والسوق العقاري
يمثل هذا القرار نقلة نوعية في علاقة الصناعة بالمدن، كما يفتح الباب أمام تحديات وفرص جديدة في السوق العقاري.
فمن جهة، يُتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى زيادة الطلب على العقارات متعددة الاستخدامات، مثل الورش الصغيرة، معامل إنتاج الأغذية، ومراكز الإنتاج الرقمي، إلى جانب الوظائف السكنية والتجارية.
ومن جهة أخرى، قد ينتج عن التوسع العشوائي في هذه الأنشطة ضغوط عمرانية وبيئية، قد تؤثر سلبًا على جاذبية بعض المناطق العقارية.
ويشير مختصون في القطاع إلى أن المناطق التجارية داخل المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام قد تشهد تحولًا تدريجيًا في أنماط الاستخدام، خصوصًا في الشوارع الحيوية التي يمكنها استيعاب أنشطة صناعية خفيفة بحاجة إلى قرب مباشر من المستهلك.
كما يُتوقع أن ترتفع أسعار العقارات القابلة للتكيّف مع هذا النوع من الاستخدام، بينما قد تواجه بعض العقارات السكنية المجاورة انخفاضًا نسبيًا في القيمة، في حال غياب الضوابط الكافية لحماية جودة الحياة.

الالتزام بالضوابط البيئية ومتابعة الأداء
الجانب البيئي كان في صلب أعمال اللجنة المركزية، حيث أُلزمت المنشآت الصناعية بتقديم دراسة بيئية على نفقتها الخاصة، فيما شددت الجهات المختصة على أن استمرار هذه الأنشطة سيكون خاضعًا لمراجعة شاملة تشمل السلامة، والصحة، واستخدامات الأراضي المجاورة.
كما أن المنشآت التي تُخالف المعايير المعتمدة ستكون معرضة لـتصحيح أوضاعها أو نقلها أو الإغلاق في حال تعارضها مع السياسات العمرانية.
أمثلة عالمية ملهمة للتكامل الصناعي الحضري
يُشير مختصون إلى أن تجارب دولية مثل نموذج “المشاغل الحضرية” في برلين، أو مناطق الصناعة الخفيفة في سنغافورة، أظهرت نتائج إيجابية في دمج الصناعات الخفيفة داخل المدن، بشرط وجود تخطيط عمراني ذكي وفصل وظيفي واضح بين الاستخدامات المختلفة.
كما أن مدنًا مثل دبي شهدت تحولات مشابهة، حيث تطورت مناطق مثل القوز والراس من مجمعات صناعية مغلقة إلى مراكز متعددة الاستخدامات تضم استوديوهات فنية، وأسواقًا، وورش إنتاج إبداعي.
فرص عقارية واعدة وتوجهات استثمار جديدة في السوق العقاري
في السعودية، يرى خبراء أن القرار سيفتح المجال أمام موجة جديدة من المشاريع العقارية الهجينة التي تدمج بين التصنيع الخفيف والتجزئة والسكن أو المكاتب، وهو ما يتطلب من المطورين تصاميم مرنة وإعادة تأهيل المباني القديمة لتلائم هذه الاستخدامات.
ومن المتوقع أيضًا أن تزداد أهمية المخازن الصغيرة والمستودعات داخل المدن، لا سيما في ظل نمو قطاعات التجارة الإلكترونية والتجميع اللوجستي.
مخاوف من التوسع غير المنضبط وأهمية التخطيط الذكي
ورغم الفرص الاقتصادية والتنموية التي يتيحها القرار، تظل هناك مخاوف من توسّع غير منضبط للأنشطة الصناعية على حساب التخطيط الحضري، أو تسرب أنشطة ذات أثر بيئي متوسط أو مرتفع في حال ضعف الرقابة.
ويؤكد مراقبون أن نجاح التجربة يعتمد على دقة التنفيذ، وتوفير حلول عمرانية ذكية تضمن الفصل بين الاستخدامات، إلى جانب تقديم حوافز لتطبيق معايير البناء الأخضر والطاقة المستدامة.
تغير في أنماط الطلب العقاري
ويشير مختصون إلى أن استغلال هذا القرار يتطلب تحركًا سريعًا من المستثمرين والمطورين لاستكشاف المناطق القابلة للتحول العقاري، والاستفادة من التغير في أنماط الطلب، خصوصًا مع إمكانية خلق مساحات جديدة للاستثمار العقاري الصناعي داخل المدن، وهو ما لم يكن ممكنًا في السابق إلا في المناطق الطرفية أو الصناعية المغلقة.
ويرى مراقبون أن المملكة تتجه نحو مرحلة تكامل جديدة بين الأنشطة الاقتصادية والحضرية، يصبح فيها العقار شريكًا في التنمية الصناعية، وتتحول المدينة إلى منصة للإنتاج والمعيشة معًا، مما يعزز مرونة الاقتصاد، ويحول السوق العقاري من حالة الجمود إلى بيئة متعددة الأبعاد والوظائف.