المحتويات
في خطوة جريئة تؤكد طموحات المملكة لتكون قوة عالمية في الذكاء الاصطناعي، أعلنت السعودية عن مشروع عملاق جديد يحمل اسم “هيومن” (Humain)، بدعم مباشر من صندوق الاستثمارات العامة.
نجح المشروع بالفعل في تأمين شراكة استراتيجية مع شركة إنفيديا (NVIDIA) الأمريكية، للحصول على 18 ألف شريحة من أحدث رقائقها المتطورة GB300 Blackwell، وفقًا لتقرير نشرته CNBC.
مركز بيانات عملاق بقدرة 500 ميجاواط
تهدف هذه الشراكة الطموحة إلى إنشاء مركز بيانات ضخم بقوة 500 ميغاواط مخصص لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وذلك ضمن رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد واستثمار العوائد النفطية في قطاعات التقنية والمعرفة، بحسب مجلة Fortune.
وقد تم الإعلان عن الصفقة التاريخية في منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي الذي عُقد في الرياض بتاريخ 13 مايو، حيث أشاد المدير التنفيذي لإنفيديا، جنسن هوانغ، برؤية المملكة قائلاً:”إنها رؤية استثنائية بحق”.
السعودية في مقدمة الصف للحصول على رقائق الذكاء الاصطناعي
الصفقة تمثل تحولًا مهمًا في التوازنات العالمية لسوق الرقائق المتقدمة. فقد صرح محلل Wedbush Securities، دان آيفز، لمجلة Fortune بأن هذه الخطوة تضع السعودية “في مقدمة الصف عالميًا”، متجاوزة دولًا مثل الصين في الحصول على أحدث تقنيات إنفيديا، واصفًا الحدث بأنه “لحظة مفصلية” في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
يطمح المشروع لتطوير نماذج لغوية ضخمة باللغة العربية، إلى جانب أدوات ذكاء اصطناعي متعددة الوسائط قادرة على معالجة الصوت، والصورة، والنص في آنٍ واحد.
ووفقًا لـ Reuters، سيتم استخدام هذه النماذج في تطبيقات متنوعة تشمل المدن الذكية، واللوجستيات الذاتية، والتقنيات الدفاعية.
شراكات بمليارات الدولارات تعزز تفوق المملكة
الطموح السعودي لم يتوقف عند شراكة إنفيديا. فقد أعلنت شركة AMD عن اتفاقية بقيمة 10 مليارات دولار لتوفير بنية تحتية حوسبية بقوة 500 ميغاواط لصالح مشروع “هيومن”.
أما أمازون وسيسكو، فقد أفصحتا أيضًا عن توقيع اتفاقيات مستقلة لدعم خدمات الحوسبة السحابية والاتصال للمشروع نفسه.
وأعلنت أمازون ويب سيرفيسز (AWS) يوم 13 مايو عن خطة ضخمة بقيمة 5 مليارات دولار لإنشاء منطقة ذكاء اصطناعي مخصصة في المملكة، تتضمن نشر خدمات Amazon Bedrock و SageMaker، مما يمنح الباحثين السعوديين أدوات متكاملة لتدريب النماذج وتطوير التطبيقات.
جاءت الصفقات التقنية تزامنًا مع تراجع إدارة ترامب عن بعض قيود التصدير التي فرضتها إدارة بايدن سابقًا، خاصة ما يُعرف بـ”قيود نشر الذكاء الاصطناعي”، والتي كانت تتطلب تراخيص خاصة لتصدير رقائق متقدمة. التخفيف من هذه القيود جاء بهدف تعزيز التعاون مع الحلفاء الموثوقين، مع الاستمرار في فرض قيود على خصوم مثل الصين، بحسب Fortune.
السعودية لاعب جديد في مركز مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي
صعود “هيومن” يمثل تحولًا استراتيجيًا في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي. فرغم استمرار هيمنة شركات أمريكية مثل ألفابت (Google) وأمازون على أولويات توزيع إنفيديا، إلا أن السعودية أصبحت الآن ثاني أكبر وجهة مفضلة لتوزيع رقائق إنفيديا بعد الولايات المتحدة، وفقًا لـ Fortune.
وفي الوقت الذي تواجه فيه الصين قيودًا تمنعها من الحصول على رقائق Blackwell المتطورة، وتجبرها على استخدام شرائح H20 المخففة، يبدو أن المملكة تستغل هذه الفجوة لتتقدم خطوة حاسمة نحو الريادة.
من الرمال إلى السيليكون
بفضل الدعم الحكومي الكامل، والشراكات التقنية مع عمالقة وادي السيليكون، والبنية التحتية الضخمة التي يجري إنشاؤها، تبدو السعودية الآن في موقع مثالي لقيادة الموجة التالية من ثورة الذكاء الاصطناعي.
تعتبر “هيومن” ليس مجرد مشروع تقني، بل قد يكون النواة التي تنطلق منها المملكة نحو موقع محوري في خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية.