زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الدرعية التاريخية، برفقة الأمير محمد بن سلمان، لم تكن مجرد جولة سياحية، بل جاءت محمّلة برسائل تاريخية، وسياسية، وثقافية. لقد جمعت بين أطلال الماضي وأحلام المستقبل، وأظهرت للعالم كيف يمكن أن تتحول مدينة طينية، حملت شعلة التأسيس، إلى مركز عالمي للتاريخ والتراث والحضارة.
اختار ولي العهد حي الطريف، المصنّف ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو، ليكون محطة رئيسية في هذه الزيارة. وبين مبانيه الطينية العريقة وقصوره التاريخية، وقف الزعيمان أمام قصر سلوى الشامخ، حيث التقطا صورًا رمزية أمام واحد من أبرز معالم الإرث السعودي، في لحظة وثّقت تلاقي حضارتين، ورسّخت أهمية المكان في الوعي العالمي.
ما هي أهم الوجهات في حي الطريف بالدرعية التاريخية؟
قصر سلوى.. ذاكرة القادة ومهد القرار
في قلب حي الطريف، يقف قصر سلوى كأحد أبرز معالم الدولة السعودية الأولى. شُيّد القصر ليكون مقرًا للحكم وسكنًا للإمام محمد بن سعود، مؤسس الدولة، وتحول لاحقًا إلى رمز للمكانة السياسية والدينية التي تميزت بها الدرعية
.
القصر ليس مجرد بناء أثري، بل هو شاهد حي على مرحلة مفصلية في التاريخ السعودي. سُمي “سلوى” لأنه كان مصدر راحة وسكينة لمن عاش فيه أو زاره، ولأنه جمع بين الجمال المعماري والعظمة السياسية.
وقد خضع القصر لأعمال ترميم دقيقة ضمن مشروع تطوير حي الطريف، حيث تم تحويله إلى “متحف الدرعية”، الذي يقدم للزائر تجربة متكاملة للتعرف على تاريخ الدولة السعودية الأولى. يضم المتحف ممرًا مفتوحًا بين الأطلال المرممة، مزودًا بشاشات تعريفية تسلط الضوء على أهم أجزاء القصر والأحداث التي شهدها، إلى جانب عرض متحفي داخلي يحتوي على مجسمات ولوحات وقطع تاريخية وأفلام وثائقية.
حي الطريف.. حيث بدأت الحكاية
يقع حي الطريف في محافظة الدرعية، شمال غربي مدينة الرياض، ويُعدّ من أهم المواقع الجغرافية والسياسية في تاريخ المملكة. فهو مقر الحكم ومركز إدارة شؤون الدولة السعودية الأولى، حيث بُنيت القصور والمباني الإدارية والمساجد التي كانت تدير شؤون الجزيرة العربية، عندما كانت الدرعية عاصمة للدولة، وأقوى مدينة في وسط الجزيرة.
بفضل هذه الأهمية، تم تسجيل الحي ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو خلال اجتماع لجنة التراث العالمي في دورتها الـ34 في برازيليا، البرازيل، بتاريخ 29 يوليو 2010، ليصبح الموقع السعودي الثاني في هذه القائمة بعد “مدائن صالح”. ويعد حي الطريف العنصر الأساسي لمشروع تطوير الدرعية، الهادف لتحويلها إلى مركز ثقافي تراثي وسياحي عالمي.
معالم حي الطريف.. متاحف تحكي قصة أمة
ضمن مشروع تطوير الحي، تم ترميم وتأهيل العديد من المعالم ، منذ 2017 ضمن مشروع بتكلفة 64 مليار ريال، ومن المقرر اكتمال جميع مراحله بحلول 2025″.
وعلى رأسها القصور التاريخية والمساجد، وتحويلها إلى متاحف متخصصة تعرض مختلف جوانب الحياة في فترة الدولة السعودية الأولى. وأبرز هذه المتاحف:
متحف الدرعية (في قصر سلوى): يقدم عرضًا تاريخيًا لتأسيس الدولة، بين أطلال مرممة وشاشات تعريفية، ومجسمات وأفلام وثائقية.
متحف الحياة الاجتماعية: يقع في قصر عمر بن سعود والمباني المجاورة، ويعرض جوانب الحياة اليومية، والعادات، والتقاليد، والأدوات المستخدمة في تلك الفترة.
المتحف الحربي: يقع في المباني المجاورة لقصر ثنيان بن سعود، ويعرض أدوات الحرب، وتاريخ الدفاع عن الدرعية، خاصة في أواخر عهد الدولة الأولى.
متحف الخيل العربية: يقع بجوار قصر الإمام عبد الله بن سعود، ويضم إسطبلات تاريخية، ويعرض طرق رعاية الخيل ودورها في الحياة السياسية والحربية.
متحف التجارة والمال: يقع ضمن مباني “بيت المال” و”سبالة موضي”، ويعرض ازدهار الدرعية الاقتصادي، من خلال العملات، والموازين، والأوقاف، والتجارة.
مرافق إضافية تعيد إحياء المكان
إلى جانب المتاحف، اشتمل مشروع التطوير على عدة عناصر مهمة:
مركز العمارة وطرق البناء التراثية: يعرض أساليب البناء القديمة التي استخدمت في بناء الطريف.
عروض الصوت والضوء: تُستخدم جدران قصر سلوى لعروض الوسائط المتعددة التي تروي قصة الدولة السعودية الأولى بطريقة درامية بصرية.
جامع الإمام محمد بن سعود: جرى ترميمه وإعادة استخدامه كمصلّى.
سوق الطريف: يتكون من 38 محلًا تعرض منتجات حرفية ومأكولات تقليدية.
مركز الزوار: يقع عند مدخل الحي لاستقبال الزوار وتقديم المعلومات الإرشادية.
مركز إدارة الحي: يقع في قصر فهد بن سعود، وتديره الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
مركز توثيق تاريخ الدرعية: يقع في قصر إبراهيم بن سعود، وتديره “دارة الملك عبد العزيز”.
تهيئة الممرات والفراغات العامة: تم رصفها وإنارتها بأساليب تبرز الطابع التراثي.