المحتويات
في خطوة نوعية تعكس التزام المملكة العربية السعودية بتحقيق الأمن الصحي وتوطين الصناعات الحيوية، يجري معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية، الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريّف، زيارة رسمية إلى مملكة الدنمارك، تستهدف توسيع الشراكات الصناعية الإستراتيجية، وتحديدًا في قطاع الصناعات الدوائية، ضمن مسارٍ متسق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وتُركز الزيارة على تسريع توطين إنتاج الأنسولين والعلاجات الحيوية المتقدمة، بما في ذلك مستحضرات GLP-1، عبر سلسلة اجتماعات رفيعة المستوى مع كبرى شركات الدواء العالمية، وعلى رأسها شركة Novo Holdings، أحد أكبر المستثمرين في قطاع الأدوية عالميًا.
اتفاقيات استراتيجية وتعاون ثلاثي
تأتي هذه الخطوة استكمالًا لاتفاقية ثلاثية تم توقيعها خلال ملتقى الصحة العالمي بالرياض في أكتوبر 2024، لتوطين سبعة أنواع من منتجات الأنسولين داخل المملكة.
وقد جمعت الاتفاقية كلًا من الشركة الوطنية للشراء الموحد للأدوية (NUPCO)، وشركة Lifera المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، وشركة Novo Nordisk، العملاق الدوائي العالمي.
ومن المنتظر أن يناقش معالي الوزير خلال لقائه مع التنفيذيين في Novo Holdings سبل رفع الطاقة الإنتاجية للأنسولين في المملكة، وتوسيع الشراكات في مجالات العلاجات الحيوية، في خطوة تعزز من مرونة سلسلة الإمداد الدوائي وتدعم تموضع المملكة كمركز إقليمي لتصنيع الأدوية.
إنجازات متسارعة في التوطين الدوائي
شهد قطاع الصناعات الدوائية في المملكة نموًا متسارعًا في السنوات الأخيرة، إذ انخفض الاعتماد على الاستيراد من **80% في عام 2019 إلى 70% في عام 2023.
وأسهم هذا التقدم في إدخال تقنيات جديدة للمملكة، مثل تسجيل أول منتج بديل حيوي محلي (إينوكسابارين)، إلى جانب إنشاء أول منشأة إقليمية لتصنيع أدوية الجهاز التنفسي.
وتُعد شراكة المملكة مع Novo Nordisk بدعم مباشر من صندوق الاستثمارات العامة، حجر الزاوية في خطة توطين نحو 90% من احتياج المملكة من الأنسولين بحلول 2027، لتصبح المملكة بذلك أول دولة في الخليج تنتج الأنسولين محليًا.
بنية تحتية صناعية متقدمة
وفي إطار تحقيق التكامل الصناعي، أنشأت المملكة مدينة سدير للصناعة والأعمال، التي تُعد مركزًا صناعيًا متقدمًا يدعم جهود التوطين، حيث يُتوقع أن تُسهم المبادرات المرتبطة بهذه المدينة بما يصل إلى 3.7 مليارات ريال في الناتج المحلي.
كذلك يتم العمل على إنشاء شبكة طرق بطول 80 كيلومتر، وجسر لربط الجزيرة الصناعية الرئيسية بالبر، إلى جانب تجهيز مطار البحر الأحمر لاستقبال مليون زائر سنويًا، مما يسهّل حركة نقل الأدوية والكوادر الفنية، ويدعم المنظومة اللوجستية.
خطة طموحة تمتد إلى اللقاحات والبلازما
وضعت المملكة خطة استثمارية طموحة تشمل توطين اللقاحات، ومنتجات البلازما، والبدائل الحيوية، باستثمارات تتجاوز 11 مليار ريال، ومن المتوقع أن تخلق أكثر من 8 آلاف وظيفة، وتُشرف على هذه الخطة لجنة 399، التي يترأسها معالي الوزير الخريّف، وتضم عددًا من الجهات ذات العلاقة، وتعمل حاليًا على تطوير استراتيجيات تنفيذية لفتح المجال أمام المزيد من الشراكات الدولية.
التزام سعودي متصاعد بالأمن الصحي
تُجسد هذه التحركات الدبلوماسية والصناعية التزام المملكة العميق بأمنها الصحي، وسعيها لتقليل الاعتماد على الخارج، وتحقيق الاكتفاء الذاتي الدوائي، كما تبعث برسالة واضحة إلى الشركات العالمية بأن المملكة بيئة جاذبة للاستثمار، وشريك استراتيجي للابتكار في قطاع الرعاية الصحية.
وبذلك، تُواصل المملكة خطواتها الواثقة نحو أن تصبح وجهة صناعية ودوائية محورية في الشرق الأوسط، عبر توطين التكنولوجيا، وتحفيز الإنتاج المحلي، وتمكين القوى العاملة الوطنية ضمن منظومة تنموية شاملة تتماشى مع تطلعات رؤية 2030.