تتميز العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية بتاريخ طويل يعكس روح الوحدة والإخاء بين البلدين، بما يمثل من ثقل على الأصعدة الإسلامية والإقليمية والدولية.
هذه العلاقة تتميز بالاحترام المتبادل على المستوى الشعبي، والتفاهم السياسي على المستوى الرسمي، مما يعزز مسيرة التعاون المشترك بينهما في مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
تعود العلاقات بين البلدين إلى عام 1940م، أي قبل استقلال باكستان عن التاج البريطاني، حيث كان للمملكة العربية السعودية دور بارز في الاعتراف بسيادة باكستان على خريطة العالم بعد استقلالها في 1947م، ومنذ ذلك الحين، أصبحت المملكة الحليف الأقرب لباكستان، مما شكل أساسًا قويًا لتطوير التعاون بين البلدين في شتى المجالات.
وتستمر المملكة في الحصول على احترام وتقدير كبيرين من الشعب الباكستاني، ليس فقط لدورها الكبير في العمل الإسلامي المشترك، بل أيضًا لدعمها المتواصل لباكستان منذ استقلالها، بما في ذلك تقديم الخدمات لزوار الحرمين الشريفين والمشاريع الحيوية في المشاعر المقدسة.
على مدار أكثر من سبعة عقود، عملت قيادتا البلدين على تعزيز علاقات التعاون من خلال التزامهما بنهج سياسي معتدل ومنفتح على العالم، ما ساهم في تشكيل شراكة استراتيجية متكاملة بينهما في المجالات السياسية، العسكرية، الأمنية، الاجتماعية والتنموية، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين والأمة الإسلامية.
وفي إطار تعزيز هذا التعاون، كان تأسيس “مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني” خطوة استراتيجية تساهم في تقوية التعاون الثنائي في عدة مجالات حيوية، مثل التجارة والاستثمار والعلاقات العسكرية والأمنية، كما تركز هذه الشراكة على تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة تدعم أهداف رؤية المملكة 2030، بما في ذلك التعاون في المجالات الاقتصادية والسياحية.
لقد قدمت المملكة العديد من المبادرات التنموية لباكستان من خلال الصندوق السعودي للتنمية، مثل تمويل مشاريع في قطاعات الطاقة، المياه، الصرف الصحي والنقل، والتي ساهمت بشكل كبير في دعم التنمية في باكستان.
كما يواصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تقديم الدعم المستمر لمواجهة آثار الكوارث الطبيعية، من خلال تنفيذ مشاريع إنسانية في باكستان.
ومع تطور هذه العلاقة الاستراتيجية، تم توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة التي تعزز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، كما تشهد العلاقات الثنائية نموًا متزايدًا من خلال المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار، مما يفتح آفاقًا واسعة للقطاع الخاص في كلا البلدين للتعاون في مختلف القطاعات مثل التعدين، البتروكيماويات، الغذاء، والدواء.
إضافة إلى ذلك، تتطلع المملكة وباكستان إلى تعزيز علاقاتهما في المجالات العسكرية والأمنية، بما يساهم في تحقيق استقرار المنطقة ودعم الأمن العالمي.
وتُعتبر زيارة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى باكستان في 2014م، وكذلك زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2019م، محطات هامة في تعزيز العلاقات الثنائية.
هذه الزيارات كانت علامة فارقة في مسيرة التعاون بين البلدين، حيث أثمرت عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون في مختلف المجالات، وتوفير فرص استثمارية ضخمة تدعم اقتصادات البلدين وتزيد من حجم التبادل التجاري بينهما.
وبجانب التعاون الاقتصادي، كانت المملكة دائمًا في مقدمة الدول التي دعمت باكستان في مختلف القضايا الإسلامية والإقليمية، وهو ما تجسد في مشاركتها في مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وكذلك في الدعم المستمر للجهود الإغاثية في باكستان.
إن هذه العلاقات المتينة والمبنية على أسس من الاحترام المتبادل والتفاهم المشترك تفتح آفاقًا واسعة لمستقبل مشترك مليء بالتعاون والنمو في جميع المجالات، وتؤكد على الدور المحوري الذي تلعبه كل من المملكة العربية السعودية وباكستان في تعزيز الأمن والسلام الإقليمي والدولي.
بهذا التعاون المتبادل، يواصل البلدان تعزيز شراكتهما الاستراتيجية لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار في مختلف المجالات.