“لم يكن الأمر مخططًا له، لكنه كان شغفًا لا أستطيع تجاهله”.. بهذه الكلمات يختصر المتسابق السعودي فيصل علي (63 عامًا) رحلته المثيرة في عالم سباقات السيارات، عندما اكتشف هذا العالم في بريطانيا، لكنها انتهت كمتسابق في التسعينيات الميلادية.
وأكد فيصل علي في حوار له مع “العربية.نت” أنه استطاع الوصول طيلة رحلته في عالم الفورمولا إلى ما يعادل في تلك المرحلة فورمولا 3 وتعد متقدمة بالنسبة للمتسابقين الذين يريدون أخذها كمسيرة مهنية.
وُلد “فيصل رفعت أحمد علي” في مدينة الطائف عام 1961، وكان شغفه بالسيارات واضحًا منذ الصغر، يقول: “بدأت تعلم القيادة في سن التاسعة، وأول تجربة لي على الشوارع العامة كانت في الثانية عشرة، كنت أضع مخدات تحت مقعدي لأتمكن من رؤية الطريق”.
تعلّم فيصل القيادة على السيارات الأميركية الثقيلة ذات الفرامل الضعيفة، وهو ما شكّل تحديًا كبيرًا جعله يكتسب مهارات استثنائية لاحقًا، بعد إنهاء دراسته الثانوية في معهد العاصمة النموذجي بالرياض، انتقل فيصل إلى الولايات المتحدة حيث حصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة ميامي عام 1986.
بداية الانخراط في عالم الفورمولا
بعد تخرجه، انتقل إلى بريطانيا تحديدًا في مدينة لندن وعاش هناك لمدة عام تقريبًا. وخلال هذه الفترة، أصبح أكثر ارتباطًا بعالم السيارات ، وأوضح أنه كان يتابع مجلة أوتوسبورت الأسبوعية ووجد إعلانًا عن دورة تدريبية في مدرسة تدعى “جيم راسل رايسينج سكول”. وأضاف أنه قرر التسجيل رغم أنه لم يقد سيارة سباق من قبل.
وأشار فيصل إلى أن أولى خطواته لعالم الفورمولا ،كانت الدورة مدتها ثمانية أيام وبتكلفة 1300 جنيه إسترليني، وأضاف أن هذا المبلغ كان يُعتبر معقولًا جدًا آنذاك، وبين أنه تدرب على يد أنتوني رييد، بطل سباقات الفورمولا 3 في اليابان عام 1992 والـ “بي تي سي سي ماسترز” في عام 2004 وبفضل هذا التدريب، حصل على رخصة المبتدئين بعد مشاركته في ثمانية سباقات.
العمل والشغف
عاد فيصل إلى بلاده ليكمل حياته المهنية، حيث عمل في قسم الخدمات المصرفية الخاصة في أحد البنوك السعودية، لم يكن العمل مجرد وظيفة إنما وسيلة لتحقيق شغفه، يقول فيصل: “كانت طبيعة العمل تمنحني الفرصة للسفر والمشاركة في السباقات”.
في أحد الأيام، أجرى فيصل حديثًا مع زميله سالم مجددي الذي يعمل في إدارة أخرى في نفس البنك، وكان يقدم برنامجًا تلفزيونيًا على القناة السعودية الثانية، اقترح فيصل عليه أن تكون الحلقة القادمة عن سباقات الفورمولا، وهو ما حدث بالفعل، يقول فيصل: “شاركت بفيديوهات ومقابلة عن تجربتي، لكنها كانت حلقة لم أتمكن من مشاهدتها حتى اليوم”.
شركات السجائر
في تلك الفترة، كانت شركات السجائر مثل “فيليب موريس” و”آر جاي رينولدز” من أكبر الرعاة للسباقات العالمية، تمامًا كما تفعل شركات مثل “رد بول” حاليًا، ولحسن حظ فيصل، كان أحد أصدقائه هو ابن وكيل “آر جاي رينولدز” في الشرق الأوسط، عندما شاهدوا المقابلة التلفزيونية التي أجراها مع زميله سالم مجددي، أعجبوا بما رأوه ورتبوا للقاء معه.
يقول فيصل: “في اللقاء، سألوني: ما رأيك بأن ننظم لك تجارب سباق في بريطانيا؟ كانوا مهتمين بمعرفة إذا كنت أملك المهارة والسرعة الكافية لدخول هذا المجال بشكل احترافي، بالنسبة لي، لم أكن أتصور أنني سأحظى بفرصة كهذه حتى في أحلامي، لكنني قررت خوض التجربة، وسافرت إلى بريطانيا حيث قاموا بإجراء التجارب لي، الحمد لله، كانت التجربة ناجحة وحققت نتائج جيدة”.
ألوان متشابهة
في تلك الفترة، ظهرت مشكلة تتعلق بالعلامة التجارية التي كان يمثلها فيصل في السباقات، انتهى الأمر بوضع اسمه تحت علامة تجارية تُدعى “جولد كوست” التابعة لشركة آر جي آر توباكو، يقول: “في تلك الأيام، بدأت اللوائح تحظر ظهور اسم شركات التبغ في السباقات التي تُبث على التلفزيون، على سبيل المثال، شركة مارلبورو كانت تستخدم اللونين الأحمر والأبيض بدلاً من عرض اسمها على السيارات”.
نتيجة تشابه الألوان بين سيارات غولد كوست ومارلبورو، رفعت الأخيرة دعوى قضائية وفازت بها، بعد ذلك، تم نقله للعمل مباشرة مع فيليب موريس، الشركة الأم لمارلبورو.
يذكر أنه على مدار عامين، شارك فيصل في سباقات الفورمولا، محققًا نجاحات ملحوظة رغم دخوله المجال في عمر يُعتبر متأخرًا، واستطرد حديثه قائلًا ، أتذكر أول فوز لي في سباق بحلبة دونينغتون بارك، وأيضًا السباق الممطر على حلبة براندز هاتش الذي انهيته في المركز العاشر”.
كما أن تمثيله للسعودية في سباق “جائزة الأوطان” بحلبة زاندفورت في هولندا يظل أحد أبرز إنجازاته ، وأشار إلى هذا الأمر قائلًا ، أنها كانت تجربة استثنائية لا يمكن أنينساها وكان معه الأخ رعد عبد الجواد.
الفورمولا 1 في السعودية
عندما استضافت السعودية سباق الفورمولا 1 لأول مرة، لم يُصدق فيصل ما رآه، حيث قال أنه لطالما شعر أن المملكة تمتلك الإمكانيات لتكون جزءًا من هذا العالم. ومع التطور الهائل الذي شهدناه في السنوات الأخيرة، أصبح الحلم حقيقة”.
يقطن فيصل في مدينة جدة حيث يقام سباق الفورمولا 1 منذ عام 2021, إذ أعلنت السعودية وقتها شراكة تمتد إلى 15 عامًا، رغم توقف فيصل عن السباقات في أوائل التسعينيات بسبب التزاماته العائلية، إلا أن شغفه لا يزال حيًا، حيث قال أنه إذا أتيحت له الفرصة، سيقوم بإنشاء أكاديمية لتعليم قيادة سيارات السباق. وأضاف أن السيارات جزء من حياته منذ الصغر.