تأخر الإقلاع لا يعني بالضرورة الوصول المتأخر! ففي عالم الطيران، يمتلك الطيارون ومراكز المراقبة الجوية طرقاً ذكية لتعويض الوقت الضائع في الجو، ما يجعل الطائرة تصل إلى وجهتها في الموعد المحدد، رغم تأخرها عن الإقلاع.
التنسيق مع برج المراقبة.. السر وراء ضبط المسار
يُعد التواصل بين قائد الطائرة وبرج المراقبة الخطوة الأهم في إدارة أي رحلة متأخرة. فالمراقب الجوي هو المسؤول عن تنظيم حركة الطيران ومنح الإذن لأي تعديل في المسار أو السرعة.
ومن خلال هذا التنسيق المستمر، يمكن السماح للطائرة بتغيير خط سيرها قليلاً لتسلك طريقاً أقصر وأكثر مباشرة نحو وجهتها، وهو ما يُعرف في عالم الطيران بـ “التوجيه المباشر”.
اختصار نقاط الملاحة.. طريق أسرع في السماء
المسار الجوي لأي رحلة ليس خطاً مستقيماً بين المطارين، بل سلسلة من “نقاط الملاحة” التي تُحدد طريق الطائرة. لكن في حال وجود تأخير، يمكن حذف بعض هذه النقاط لتقصير المسار واختصار بضع دقائق من زمن الرحلة.
ويقول الطيار الأمريكي المتقاعد جيم كوكس إن “كثافة الحركة الجوية تحدد إمكانية منح هذا التوجيه المباشر”، ما يعني أن الرحلات الطويلة تملك فرصة أكبر لتعويض الوقت مقارنة بالقصيرة.
الرياح.. العامل الخفي في سرعة الرحلة
الرياح تلعب دوراً حاسماً في زمن الرحلة. فإذا كانت الرياح معاكسة لوجهة الطائرة، فإنها تُبطئها، أما إذا كانت في نفس الاتجاه، فتُساعدها على الوصول أسرع.
لهذا يحرص الطيار على اختيار الارتفاع والمسار الذي يقلل من تأثير الرياح السلبية، أو يستفيد منها عندما تكون مواتية.
وفي الغالب تهب الرياح حول العالم من الغرب إلى الشرق، لذا تُخطط شركات الطيران مساراتها بما يتناسب مع هذه الاتجاهات الموسمية.
لماذا لا تزيد الطائرة سرعتها فحسب؟
رغم أن الفكرة تبدو بسيطة، إلا أن رفع سرعة الطائرة ليس خياراً عملياً. فمعظم الطائرات التجارية تسير بالفعل بأقصى سرعة اقتصادية تسمح بتوازن بين الوقت واستهلاك الوقود.
وأي زيادة بسيطة في السرعة تعني حرق مئات الكيلوغرامات الإضافية من الوقود، مقابل ربح دقائق معدودة فقط، ما يجعل الحل غير مجدٍ اقتصادياً.
“زمن البلوك”.. هامش ذكي في جدول الرحلات
شركات الطيران تحتسب زمن الرحلة بذكاء، من خلال ما يُعرف بـ زمن البلوك (Block Time)، الذي يشمل وقت الحركة من البوابة وحتى التوقف عند بوابة الوصول.
وفي الرحلات المنطلقة من مطارات مزدحمة مثل نيويورك أو أتلانتا، يتم إدخال هامش إضافي في هذا الزمن، ما يمنح الطيارين فرصة لتعويض التأخير والوصول في الموعد المحدد.
الوصول المبكر.. ليس دائماً ميزة
قد تصل الطائرة أحياناً قبل موعدها، لكن ذلك لا يعني بالضرورة فائدة حقيقية، فالمطار قد لا يكون جاهزاً بعد لاستقبال الرحلة، والبوابات أو الخدمات الأرضية قد تكون مشغولة.
لذلك، يُفضل التنسيق مع المطار لضمان وصول الطائرة في الوقت المثالي، لاالمبكر ولا المتأخر.