حين يُرزق الزوجان بمولود جديد، تتحول الأنظار كلها نحو الأم ورضيعها، بينما يبقى الأب غالبًا في الظل. ورغم أن صورته تبدو قوية ومتماسكة، إلا أن الكثير من الآباء يعيشون صراعًا نفسيًا لا يتحدثون عنه، يُعرف بالاكتئاب الأبوي. إنه شعور خفي يختلط فيه القلق بالتعب، والعزلة برغبة صامتة في الحصول على دعم لا يأتي.
جانب مهمل في الرعاية الصحية
يؤكد مختصون في الصحة النفسية أن برامج المتابعة الطبية بعد الولادة تُعطي الأولوية للأم والطفل، بينما يتم تجاهل وضع الأب الذي قد يمر بأزمة عاطفية صامتة. وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الأمهات أنفسهن يرغبن في أن يشمل الدعم النفسي الأزواج أيضًا، باعتبار أن التوازن النفسي للأسرة لا يكتمل من دون الأب.
شعور بالعزلة والابتعاد
يشعر العديد من الآباء بأنهم خارج دائرة الاهتمام، خاصة في الأسابيع الأولى بعد الولادة، حيث ينشغل الجميع بالأم واحتياجات المولود. ومع أن الأم غالبًا ما تنجح سريعًا في تكوين رابطة عاطفية مع طفلها، فإن ارتباط الأب قد يستغرق وقتًا أطول، وهو ما يزيد إحساسه بالتهميش والعزلة.
نسب تفوق المتوقع
تشير الإحصاءات إلى أن ما يقارب 10% من الآباء يصابون بالاكتئاب بعد الولادة، لكن خبراء يرجحون أن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير، بسبب إحجام الكثير من الرجال عن الإفصاح عمّا يمرون به. وتزداد احتمالية الإصابة عند مواجهة صعوبات في الحمل أو الولادة، أو عند تراكم المخاوف بشأن تحمل المسؤولية في هذه المرحلة.
علامات الاكتئاب الأبوي
1- الانسحاب العاطفي
قد يفقد الأب ثقته بدوره الجديد، فينسحب من المشاركة اليومية مع أسرته، ويشعر أنه مجرد متفرج على تجربة يفترض أن يكون جزءًا منها.
2- البحث عن منافذ بديلة
يجد بعض الآباء في الطعام المفرط أو الألعاب الإلكترونية وسيلة للهروب من التوتر، بدلاً من مواجهة مشاعر القلق والخوف من الفشل في رعاية الطفل.
3- إهمال العناية بالنفس
من الأعراض الشائعة فقدان الحافز لممارسة الرياضة أو الهوايات، وحتى في أوقات الراحة لا يتمكن الأب من النوم بسبب انشغاله الدائم بمخاوفه تجاه المولود.
لماذا يجب الانتباه مبكرًا؟
إغفال هذه الأعراض قد يجعل الاكتئاب أكثر عمقًا ويؤثر على علاقة الأب بطفله وشريكته، وهو ما ينعكس على استقرار الأسرة كلها. ولهذا يشدد الخبراء على أهمية رفع الوعي بالاكتئاب الأبوي، وتشجيع الرجال على طلب المساندة النفسية مبكرًا، لضمان بداية صحية ومتوازنة للحياة الأسرية.