في لحظة فارقة بين الحياة والموت، تجلّت الشجاعة في أنقى صورها، حين قرر شاب سعودي أن يخاطر بحياته لينقذ العشرات من كارثة محققة، لم يفكر كثيرًا، لم ينتظر المساعدة، بل اتخذ القرار وقفز نحو النار.
فهد الدلبحي
ماهر فهد الدلبحي، شاب من محافظة الدوادمي، كتب اسمه بحروف من نور حين تصدى بشجاعة نادرة لحريق اندلع في شاحنة محملة بكميات كبيرة من العلف، كانت متوقفة داخل محطة وقود في مركز الجمش، وهي لحظة كان يمكن أن تتحول فيها المنطقة إلى كتلة من اللهب في ثوانٍ معدودة.
اللحظة التي غيرت كل شيء
يروي ماهر ما حدث وهو يرقد على سريره في مدينة الملك سعود الطبية حيث يتلقى العلاج من حروق أصيب بها، قائلاً: “كنت في طريقي إلى قريتنا، الصالحية، وتوقفت لأشتري بعض الأغراض من متجر مجاور وفجأة سمعت صراخًا ورأيت الناس يركضون. التفتّ، وإذا بشاحنة تشتعل وسط المحطة، بجانب خزانات الوقود… كانت لحظات لا تُنسى.”
رأى السائق عاجزًا، والناس يفرون، لكنه لم يفر ببسالة نادرة، قفز إلى مقعد السائق في الشاحنة المشتعلة، وأدار المحرك وسط ألسنة اللهب.
وعلى الرغم من الحرارة والدخان، انطلق بها مبتعدًا عن المحطة، حتى أوصلها إلى منطقة ترابية بعيدة، حيث توقفت وسط ألسنة اللهب، لكنه كان قد أنقذ الأرواح والممتلكات.
ثمن البطولة
لم تخلُ هذه التضحية من ثمن باهظ أصيب الدلبحي بحروق من الدرجة الأولى والثانية في وجهه ورأسه وأطرافه، لكنه لا يندم.
“يمكن أن تتعوض الممتلكات… لكن الأرواح؟ لو انفجرت الشاحنة، لحدث ما لا يمكن تخيله أنا فقط فعلت ما يمليه علي ضميري.”.. كلمات وصف بها البطل الكارثة الكبرى.
ردود فعل واسعة
فور انتشار الخبر، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بالإشادة والامتنان.
وانهالت التعليقات من السعوديين والمقيمين تشيد بشجاعة ماهر، وتصفه بـ”البطل الحقيقي” و”رمز الفداء والرجولة”.
مطالبات واسعة انطلقت من المجتمع المحلي لتكريمه رسميًا على ما قام به، لما في فعله من رسالة سامية عن التضحية والإنسانية.
بطولة لا تُنسى
ما فعله ماهر الدلبحي لم يكن مجرد ردة فعل عابرة، بل موقف إنساني بطولي يستحق أن يُروى للأجيال. ففي زمن تتغير فيه القيم والمواقف، يظل هناك رجال يعيدون للأذهان معنى الشجاعة الحقيقية.
كما أجرى نائب أمير منطقة الرياض الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز اتصالًا بالمواطن ماهر فهد الدلبحي، واطمأن خلال الاتصال على الحالة الصحية للمواطن.
إشادة بالبطولة
كما أشاد نائب الأمير بشجاعته ومبادرته الإنسانية، ومؤكدًا حرص القيادة على متابعة أحوال المواطنين وتقدير مواقفهم النبيلة.
وجّه نائب أمير الرياض بتوفير جميع الخدمات الصحية اللازمة والرعاية الطبية الكاملة للمصاب حتى يتماثل للشفاء، في إطار ما توليه الدولة من اهتمام برعاية أبنائها والوقوف إلى جانبهم في مختلف المواقف.