شهدت إحدى رحلات الخطوط الجوية البريطانية حادثة أثارت جدلًا واسعًا، بعدما ترك طيار باب قمرة القيادة مفتوحًا أثناء الرحلة المتجهة من مطار لندن هيثرو إلى نيويورك.
وبحسب ما تداوله شهود عيان، قام الطيار بهذا التصرف حتى تتمكن عائلته – التي كانت بين الركاب – من مشاهدته وهو يقود الطائرة، وظل الباب مفتوحًا لفترة أطول من المعتاد، وهو ما أثار قلق بعض الركاب ودفع عددًا من أفراد الطاقم إلى الإبلاغ عن الحادثة للسلطات الأمريكية.
تعليق عمل الطيار وفتح تحقيق رسمي
أدى هذا التصرف غير المعتاد إلى قرار سريع من إدارة الشركة بوقف الطيار عن العمل مؤقتًا، مع فتح تحقيق رسمي لمعرفة ملابسات الواقعة. ورغم أن الحادث لم يشكل تهديدًا مباشرًا للسلامة الجوية، إلا أنه اعتُبر خرقًا واضحًا لإجراءات الأمان التي شددت عليها سلطات الطيران الدولي خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر.
حوادث سابقة مشابهة ارتبطت بقمرة القيادة
كارثة Aeroflot Flight 593 عام 1994
إحدى أبرز الحوادث المؤلمة في تاريخ الطيران وقعت عام 1994، حين سمح قائد طائرة تابعة لشركة إيروفلوت الروسية لأطفاله بالدخول إلى قمرة القيادة خلال رحلة من موسكو إلى هونغ كونغ. وبينما كان الابن البالغ من العمر 15 عامًا يجلس على مقعد الطيار، قام عن غير قصد بإلغاء نظام الطيار الآلي، ما أدى إلى فقدان السيطرة على الطائرة وانحرافها بشكل حاد قبل أن تتحطم في إحدى السلاسل الجبلية الروسية، ما أسفر عن وفاة جميع الركاب البالغ عددهم 75 شخصًا.
هذه الكارثة شكلت نقطة تحول في سياسات أمن الطيران، إذ فرضت بعدها قيود مشددة على دخول غير الطاقم إلى قمرة القيادة.
ممارسات شائعة قبل 11 سبتمبر
قبل أحداث 2001، كان من المعتاد أن يسمح الطيارون للأطفال – وأحيانًا أقاربهم – بالدخول إلى قمرة القيادة لأخذ صورة تذكارية أو إلقاء نظرة سريعة، خصوصًا أثناء توقف الطائرة أو بعد الإقلاع. ورغم أن هذه الممارسات لم تكن ممنوعة آنذاك، إلا أن التطورات الأمنية جعلت الأمر شبه مستحيل في الوقت الحاضر.
بين الإنسانية والقواعد الصارمة
تكشف هذه الحوادث عن التوازن الصعب بين الرغبة الإنسانية للطيارين في مشاركة لحظات خاصة مع عائلاتهم أو ركابهم، وبين الالتزام الصارم بقواعد السلامة الجوية. فبينما قد تبدو بعض التصرفات بسيطة أو عفوية، إلا أن أي تجاوز داخل قمرة القيادة يمكن أن يترتب عليه عواقب جسيمة.
اليوم، تؤكد السلطات الجوية أن أي إخلال بقواعد تأمين قمرة القيادة يُعتبر أمرًا غير مقبول، حتى لو لم ينتج عنه ضرر مباشر، وذلك حفاظًا على أعلى معايير الأمان في قطاع يعتمد بشكل كامل على الثقة والالتزام بالقوانين الدولية.