في باطن أراضي المملكة، تمتد كهوف طبيعية أشبه بكتاب مفتوح يسرد قصة الجزيرة العربية منذ ملايين السنين. هذه التكوينات الجيولوجية النادرة لم تعد مجرد فجوات صخرية، بل تحولت إلى وجهات سياحية وعلمية تجذب الأنظار، لما تحمله من أسرار عن المناخ والحياة القديمة.
أكثر من 150 كهفًا موثقًا
بحسب الهيئة الجيولوجية السعودية، تم رصد أكثر من 150 كهفًا موزعة في مناطق مختلفة أبرزها هضبة الصمّان بين الرياض والأحساء. وتتنوع هذه الكهوف بين جيرية تعود إلى عصور كانت فيها الأرض مغمورة بالبحار القديمة، وأخرى بازلتية نشأت بفعل الحمم البركانية، إضافة إلى تكوينات رملية مثل كهوف جبل القارة الشهيرة في الأحساء.
أرشيف طبيعي لتحولات المناخ
دراسات حديثة أظهرت أن جدران الكهوف تحتفظ بسجل مناخي ممتد لثمانية ملايين سنة، مرّت خلالها الجزيرة بخمس مراحل مناخية متباينة؛ من أراضٍ خضراء مليئة بالأنهار والبحيرات إلى الصحراء القاحلة التي نعرفها اليوم. هذا الأرشيف الطبيعي لا يثري العلم فقط، بل يعزز مكانة السعودية كوجهة للسياحة البيئية والجيولوجية.
كنوز أثرية وحياة قديمة
إلى جانب التكوينات الصخرية، عُثر في بعض الكهوف على أدوات حجرية وعظام بشرية وحيوانية تعود لآلاف السنين، تؤكد فرضية “الجزيرة العربية الخضراء”، حيث عاشت آنذاك كائنات مثل الفيلة وأفراس النهر والتماسيح قبل أن تختفي بفعل التغيرات المناخية.
رؤية سياحية مستدامة
ضمن أهداف رؤية السعودية 2030، تعمل الجهات المعنية على تحويل عدد من الكهوف إلى مقاصد سياحية منظمة، مع تطبيق معايير بيئية صارمة لحمايتها، إلى جانب خطط لإنشاء متحف جيولوجي يعرّف الزوار بتاريخ الأرض ويوفر تجربة تعليمية وثقافية ثرية.
أبرز الكهوف في السعودية
-كهف عين هيت (الرياض): يضم بحيرة جوفية عميقة ويُعد من الوجهات المحببة للباحثين عن المغامرة.
-كهف جبل القارة (الأحساء): يتميز بدرجة حرارة معتدلة طوال العام وممراته الضيقة المضيئة.
-كهف العُقين (حرة خيبر): أطول كهف بازلتي في الجزيرة العربية، يمتد لأكثر من 3 كيلومترات.
-كهف أم جرسان (خيبر): يحتوي على ممرات واسعة وطبقات بازلتية نادرة.
-كهف برمة (حائل): غني بالنقوش الصخرية التي توثق حياة الإنسان القديم.