لطالما اعتقد كثيرون أن الزجاج هو البديل الصحي للبلاستيك عند تخزين المشروبات، لكونه خيارًا أنظف وأكثر أمانًا. لكن دراسة علمية حديثة قلبت هذه الفرضية رأسًا على عقب، بعدما أثبتت أن الزجاج قد يحتوي على مستويات من التلوث بالجزيئات البلاستيكية الدقيقة تفوق ما يوجد في العبوات البلاستيكية أو المعدنية نفسها.
نتائج صادمة من الأبحاث
باستخدام أجهزة متطورة لدراسة عينات من مشروبات مختلفة، من بينها المياه الغازية والمياه المعبأة، اكتشف الباحثون أن الزجاجات الزجاجية تحمل جزيئات بلاستيكية دقيقة تصل أحيانًا إلى خمسين ضعف الكمية الموجودة في عبوات البلاستيك أو المعدن. ورغم أن المياه في الزجاج كانت الأقل تلوثًا مقارنةً بالمشروبات الأخرى، إلا أنها لم تخلُ من آثار هذه الجزيئات.
مصدر التلوث.. الأغطية لا الزجاج
المفاجأة الكبرى أن الزجاج نفسه ليس هو المسبب المباشر، بل أغطية الزجاجات المعدنية المطلية بطبقات تحتوي على مكونات بلاستيكية. مع الفتح والإغلاق، تتسرب جزيئات دقيقة من الطلاء إلى داخل المشروب. وأكدت التحاليل الميكروسكوبية أن لون وشكل هذه الجزيئات يتطابق مع مواد الطلاء المستخدمة. وعند غسل الأغطية قبل الاختبار، انخفضت نسبة التلوث بشكل ملحوظ.
لماذا تمثل هذه الجزيئات خطراً صحياً؟
خطورة الجزيئات البلاستيكية الدقيقة تكمن في صغر حجمها، إذ يمكنها التسلل إلى الدم، الرئتين، وحتى أنسجة الجهاز الهضمي. وقد ربطت أبحاث سابقة وجودها بمشكلات صحية مثل الالتهابات المزمنة، اضطراب الهرمونات، وضعف المناعة، مع احتمال زيادتها لمخاطر أمراض خطيرة بمرور الوقت.
هل يمكن تفاديها تمامًا؟
الحقيقة أن التخلص من هذه الجزيئات بشكل كامل يكاد يكون مستحيلاً، فهي موجودة في مياه الصنبور، الهواء، وحتى الطعام. لكن يمكن تقليل التعرض لها عبر خطوات عملية مثل استخدام أوعية من الفولاذ المقاوم للصدأ أو الزجاج غير المطلي، وتجنب تسخين الأطعمة والمشروبات في عبوات بلاستيكية، بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على المشروبات المعبأة.
مستقبل أكثر أمانًا للمستهلك
توضح الدراسة أن المشكلة ليست في اختيار الزجاج أو البلاستيك فقط، بل في أسلوب التعبئة والمواد المضافة، ما يستدعي حلولاً مبتكرة من شركات المشروبات لتقليل مخاطر التلوث. وحتى ذلك الحين، يبقى وعي المستهلك وتنويع البدائل هو الطريق الأمثل لتقليل التعرض للجزيئات البلاستيكية.