قررت وزارة الشؤون الإسلامية في الكويت إنهاء خدمات الداعية سالم الطويل من مهام الإمامة والخطابة، بعد ثبوت مخالفته لميثاق المسجد والتعليمات المنظمة لأداء الواجبات الدينية. وقد تم إصدار القرار بناءً على القرار الوزاري رقم 269 لسنة 2023، الذي ينظم الرعاية السكنية لشاغلي الوظائف الدينية.
الشيخ الكويتي سالم الطويل
كما طالبت الوزارة، في قرار لاحق، الطويل بإخلاء الوحدة السكنية المخصصة له في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ 12 أغسطس 2025، مما يفتح باب التساؤلات حول مستقبل الطويل في الساحة الدينية الكويتية.
من هو الشيخ الكويتي سالم الطويل
سالم بن سعد بن سالم الطويل (16 مايو 1962- ) هو داعية كويتي، وإمام وخطيب مسجد الصقر في منطقة هدية، بدأ طلبه للعلم في صغره على يد الشيخ عبد الرحمن عبد الصمد الفقهاء والشيخ عبد الصمد الكاتب في المدينة النبوية وحضر محاضرات الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في الكويت وعمان والتقى بالشيخ عبد العزيز بن باز .
كما أنه التحق بالجامعة الإسلامية في المدينة لفترة ثم تحول إلى القصيم حيث تلقّى تعليمه الجامعي في المملكة العربية السعودية طالباً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – فرع القصيم كلية أصول الدين، وكان ملازماً للعلامة محمد بن صالح العثيمين، كما له عمود إسبوعي في صفحة الإبانة في جريدة الوطن الكويتية.
جدل متواصل
في أواخر عام 2020 أثار جدلا علي مواقع التواصل الاجتماعي بعد إنتقاده لحملات مقاطعة المنتجات الفرنسية ردا على الإساءة للنبي محمد عليه السلام، مبررا في إنتقاده إن المقاطعة بهذا الشكل مرفوضة وتسبب الفوضى ونشر الاتهامات.
في نهاية عام 2020 تقدم محامي كويتي بدعوي قضائية ضده يتهمه فيه ازدراء المذاهب وضرب الوحدة الوطنية، إثر حديث مثير للشيخ الطويل وُصف بالحديث ”الطائفي والمثير للفتنة“.
في منتصف عام 2021 اصدر نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير العدل ووزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة الوزير عبد الله الرومي قرارا بإيقافه عن العمل كمأذون شرعي لمدة سنة عن إبرام عقود الزواج ، وذلك بعد وقوعه بخطأ يتعلق بتاريخ عقد زواج والفحص الطبي.
الداعية سالم الطويل، الذي كان يشغل منصب خطيب مسجد “صقر الصقر” في منطقة هدية بمحافظة الأحمدي، كان قد أثار موجة استياء واسعة في سلطنة عمان بعد تصاعد هجومه على المذهب الإباضي، الذي يشكل جزءًا أساسيًا من الهوية الدينية في عمان. في تصريحات له، وصف المذهب الإباضي بأنه يحتوي على “ضلالات وأباطيل”، واعتبر عقيدته بأنها “عقيدة إلحادية”.
في عام 2022، اتخذ الطويل موقفًا هجوميًا آخر ضد مفتي سلطنة عمان، واصفًا إياه بـ”الخارجي”، مما فجر موجة من الغضب في الأوساط العمانية وخلق حالة من التوتر بين البلدين.
ردود الفعل في عمان والكويت
أثارت تصريحات الطويل غضبًا في سلطنة عمان، حيث طالب العديد من الكتّاب والمغردين العمانيين الحكومة الكويتية باتخاذ موقف حازم ضد الداعية، للحفاظ على العلاقات الطيبة بين شعوب الخليج ومنع الفتن الطائفية. وركزوا على أهمية تجنب التصعيد الطائفي الذي قد يؤثر سلبًا على العلاقات الخليجية.
وكتب الدكتور عبد الله سهر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، مقالًا في جريدة الرأي حول العلاقات العمانية الكويتية، مؤكداً أن العلاقة بين البلدين “أعمق من السياسة الرسمية” وأنها “إرث تاريخي وشعبي” قائم على المحبة والتعايش بين الشعوب. وأشار سهر إلى أن الهجوم على عمان والشعب العماني يعكس إساءة لنا جميعًا، مُحذرًا من أن ذلك قد يساهم في الإضرار بالعلاقات الخليجية بشكل عام.
الإجراءات القانونية والقرارات الوزارية
بحسب القرارات الرسمية، يتضح أن الحكومة الكويتية لا تتهاون في مسألة الحفاظ على استقرار العلاقات بين دول الخليج ومنع أي خطاب قد يؤدي إلى الفتنة أو الشقاق بين الشعوب. وتنص الوزارة على ضرورة التزام كافة الدعاة والخطباء بالمعايير الدينية والمهنية التي تضمن احترام التنوع الديني والفكري، مع التأكيد على عدم تكرار مثل هذه التجاوزات مستقبلاً.
وقد أكدت وزارة الشؤون الإسلامية أن قرار إنهاء خدمة الطويل يعد جزءًا من التزامها بالقوانين المنظمة لمهنة الدعوة في الكويت، وأنها ستواصل متابعة أي تجاوزات قد تؤثر سلبًا على الأمن الاجتماعي والديني.
المستقبل المجهول للعديد من القضايا الدينية في الخليج
تبقى الحادثة نقطة محورية تتعلق بتوازن الخطاب الديني في المنطقة، ومدى تأثير مثل هذه القرارات على استقرار العلاقات بين الدول الخليجية. هل سيعزز هذا القرار من الاستقرار الاجتماعي، أم سيؤدي إلى مزيد من التوترات؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال، لكن الأكيد أن الكويت قد وضعت معيارًا واضحًا في كيفية التعامل مع تجاوزات خطباء الدين.