شهد السوق العقاري السعودي خلال الفترة الأخيرة نموًا ملحوظًا في الإقبال على شراء العقارات، سواء بغرض التملك الشخصي أو الاستثمار.
ومع هذا التوسع، أصبح التمويل العقاري من أبرز العناصر المؤثرة في قرار الشراء، حيث يمثل أداة حاسمة تُمكّن العديد من المواطنين والمقيمين من دخول السوق وتحقيق أهدافهم العقارية.
من خلال متابعة دقيقة لحركة السوق العقارية ومصادر التمويل المتاحة، يتضح أن خيارات التمويل العقاري تتوزع بين جهتين رئيسيتين:
البنوك وشركات التمويل المرخصة من جهة، وشركات التطوير العقاري من جهة أخرى.
وفيما يلي، نعرض مقارنة مفصلة بين مزايا وتحديات كل خيار، لمساعدة الراغبين في التملك على اتخاذ القرار الأنسب لاحتياجاتهم المالية والمعيشية.
أولًا: التمويل العقاري عبر البنوك وشركات التمويل المرخصة
تُعد البنوك السعودية وشركات التمويل المرخصة من أبرز مصادر التمويل العقاري، لما توفره من تنوع في المنتجات وشروط واضحة نسبيًا.
وهي الخيار المفضل للباحثين عن استقرار طويل الأمد في عملية السداد.
أبرز المزايا:
نسبة تمويل مرتفعة تصل إلى 85% من قيمة العقار، خاصة بعد قرار البنك المركزي السعودي برفع الحد الأعلى للتمويل، مما يقلل من عبء الدفعة الأولى على العملاء.
تنوع في المنتجات التمويلية، حيث تتيح البنوك للعملاء الاختيار بين صيغ تقليدية أو صيغ متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل المرابحة والمشاركة والإيجار المنتهي بالتمليك.
فترات سداد مرنة تتراوح عادة من 5 إلى 30 سنة، بما يمنح العميل قدرة على توزيع الأقساط وفقًا لدخله الشهري.
رقابة تنظيمية موثوقة، إذ تخضع المنتجات التمويلية لإشراف مؤسسة النقد (البنك المركزي)، مما يضمن الشفافية ووضوح الالتزامات التعاقدية.
إمكانية الاستفادة من برامج الدعم الحكومي مثل برنامج “سكني”، الذي يوفر مزايا إضافية للمستفيدين بالتعاون مع البنوك.

أبرز التحديات:
- شروط أهلية صارمة تتطلب وجود سجل ائتماني جيد ودخل ثابت، مما يحد من فرص بعض الفئات في الحصول على التمويل.
- دفعة أولى مرتفعة نسبيًا، رغم ارتفاع نسبة التمويل، إلا أن العميل مطالب بسداد 15% على الأقل من قيمة العقار مقدمًا.
- تذبذب أسعار الفائدة، حيث ترتبط معدلات الفائدة بالتغيرات في السوق المالي، ما قد يزيد التكلفة النهائية للتمويل.
- اشتراط تحويل الراتب في بعض الحالات، وهو ما يقيد خيارات العميل في التعامل مع جهات مصرفية أخرى.
ثانيًا: التمويل العقاري عبر شركات التطوير العقاري
يُعد التمويل المباشر من شركات التطوير العقاري خيارًا آخر يكتسب شعبية متزايدة، خاصة في مشاريع بيع الوحدات السكنية تحت الإنشاء، لا سيما في المدن الكبرى حيث تتسارع وتيرة التطوير العمراني.
أبرز المزايا:
سهولة الإجراءات وسرعة الإنجاز، إذ لا تتطلب الشركات نفس الشروط المعقدة التي تفرضها البنوك، مما يُسرّع من عملية التملك.
خطط دفع مرنة، تتضمن عروضًا جذابة مثل عدم اشتراط دفعة أولى، أو منح فترات سماح، إلى جانب خصومات في حال الدفع المبكر أو الإعفاء من بعض الرسوم.
ملائمة للمشاريع تحت الإنشاء، حيث يتم ربط جدول الدفعات بمراحل البناء، ما يسهل الشراء على العملاء الراغبين في اقتناء وحدات لم تكتمل بعد.
أبرز التحديات:
- الفائدة الفعلية غالبًا ما تكون أعلى من تلك المعلنة، حيث يتم تضمين أرباح الشركة بشكل غير مباشر في السعر النهائي، وقد لا يكون واضحًا للعملاء منذ البداية.
- التمويل محصور بمشاريع الشركة المطوّرة، أي لا يمكن استخدامه لشراء عقارات خارج نطاق مشروعها، ما يحد من حرية الاختيار.
- مخاطر تأخر التسليم، خاصة في العقارات التي ما زالت تحت الإنشاء، حيث يواجه بعض العملاء مشكلات تتعلق بتأجيل التسليم أو انخفاض الجودة النهائية.
- غياب الرقابة التنظيمية الصارمة، إذ لا تخضع هذه العقود لمستوى الإشراف الذي تطبقه مؤسسة النقد على البنوك، مما يقلل من الحماية القانونية للمستهلك.

التمويل العقاري بين الخيارات البنكية وخيارات المطورين: أيهما تختار؟
تعتمد الإجابة عن هذا السؤال على أولويات العميل، وظروفه المالية، ومدى حاجته إلى مرونة الإجراءات أو استقرار التمويل. فالخيار البنكي يناسب الباحثين عن التملك طويل الأمد في ظل إشراف رقابي واضح، بينما يوفّر تمويل المطور العقاري حلولًا أسرع لمن يواجه صعوبة في تلبية الشروط البنكية، خاصة في المشاريع الجديدة.