المحتويات
هل وجدت نفسك يومًا تُنهي وجبتك لتبدأ مباشرة في التفكير فيما ستأكله لاحقًا؟ أو شعرت بتشتت ذهنك بسبب رغبتك المستمرة في تناول الطعام؟ إذا كنت كذلك، فقد تكون تواجه ما يُعرف اصطلاحًا بـ”ضجيج الطعام” – حالة ذهنية لا تتعلق بالجوع فقط، بل بتشابك العاطفة والعادة مع السلوك الغذائي.
ما هو “ضجيج الطعام”؟
“ضجيج الطعام” ليس مصطلحًا طبيًا رسميًا، إلا أنه وُلد حديثًا في الفضاء الرقمي، وبدأ بالانتشار منذ عام 2023، لا سيما على تطبيق “تيك توك”، حيث استخدمه الكثيرون للتعبير عن الأفكار المُلِحّة التي تدور في عقولهم بشأن الطعام، من بينهم شخصيات عامة مثل أوبرا وينفري.
يشير هذا المفهوم إلى الانشغال الذهني المستمر بالطعام والتخطيط له، حتى في غياب الشعور الجسدي بالجوع. يتجلى ذلك في شكل حديث داخلي متكرر حول الوجبة التالية: ماذا سأأكل؟ متى؟ أين؟ وبأي كمية؟ لتصبح هذه “الثرثرة الغذائية” جزءًا مستمرًا من حياة البعض.
كيف يؤثر ضجيج الطعام على حياتنا اليومية؟
أشارت أبحاث نُشرت في دورية Nutrients إلى أن التفكير المتواصل بالطعام قد يخلق نمطًا غذائيًا غير صحي، كتناول الطعام استجابة للتوتر أو الملل، لا لحاجة جسدية حقيقية. ويصف البعض هذا الضجيج بأنه صوت لا ينطفئ، يدور في خلفية أذهانهم، يؤثر على التركيز، ويقلل من الاستمتاع باللحظة الراهنة.
من الأكثر تأثرًا بهذه الحالة؟
رغم أن “ضجيج الطعام” قد يصيب أي شخص، فإنه يُلاحظ بشكل أكبر لدى الأفراد الذين يعانون من صعوبات في التحكم بالوزن. في دراسة أجرتها مؤسسة Weight Watchers عام 2024، أفاد 57% من المشاركين ممّن يعانون من زيادة الوزن بأنهم يُطاردون بأفكار طعام مزعجة بشكل شبه دائم. المفاجئ أن 12% فقط منهم كانوا على دراية بمصطلح “ضجيج الطعام”.
لماذا لا تنجح الحميات القاسية في كتم هذا الضجيج؟
توضح أخصائية التغذية تانيا هارغريف أن تقليل السعرات بشكل كبير أو تخطي الوجبات قد يُضاعف هذا الضجيج، إذ يعتبره الجسم تهديدًا فيرفع من وتيرة “المناداة” للطعام. النتيجة؟ نوبات من الأكل غير المنضبط، يعقبها إحساس بالذنب أو الخجل، مما يعيد الفرد إلى الحلقة نفسها مرة تلو الأخرى.
التأثير النفسي والاجتماعي
يحذر الخبراء من أن الاستجابة السلبية لهذه الضوضاء قد تؤدي إلى الإفراط في تناول أطعمة غير صحية، وبالتالي زيادة الوزن أو تفاقم مشكلات قائمة مثل السمنة. كما قد يرافقها شعور دائم بالذنب والقلق، مما يُؤثر على الصحة النفسية والعلاقات اليومية.
وفقًا للطبيبة النفسية سوزان ألبرز، فإن الانشغال المستمر بصورة الجسد والطعام قد يؤدي إلى تدني احترام الذات، العزلة، وربما اضطرابات الأكل.
كيف تُهدئ ضجيج الطعام؟ خطوات عملية
إذا كنت تبحث عن حلول لتخفيف هذا الانشغال الذهني، فإليك بعض الاستراتيجيات التي أوصى بها الخبراء:
1- اتبع نمطًا غذائيًا متوازنًا
احرص على إدخال الأطعمة الطبيعية الغنية بالألياف والبروتين، كالخضروات، الفواكه، المكسرات، والحبوب الكاملة، وابتعد قدر الإمكان عن الأطعمة المُصنّعة.
2- لا تُهمل الوجبات
تخطّي الوجبات أو تقليل الأكل بشكل مفرط يُعزز الضجيج الداخلي. احرص على تناول 3 إلى 4 وجبات متوازنة في اليوم.
3- مارس الأكل الواعي
تناول طعامك ببطء، وركّز على مذاقه وقوامه، وامتنع عن المشتتات مثل الهاتف أو التلفاز أثناء الأكل.
4- نم جيدًا
قلة النوم تؤثر سلبًا على الهرمونات المنظمة للجوع والشبع. فقط ليلة واحدة من الأرق قد ترفع هرمون “الغريلين” (الذي يسبب الجوع) وتقلل من “اللبتين” (الذي يمنحك الشعور بالشبع).
5- تعامل مع التوتر بذكاء
الطعام ليس الوسيلة الوحيدة لتهدئة المشاعر. جرب التأمل، المشي، التحدث مع صديق، أو الاستماع إلى الموسيقى.
6- عدل بيئة منزلك الغذائية
أبقِ الأطعمة المسببة للإفراط بعيدًا عن الأنظار، ونظّم مطبخك بطريقة تقلل الإغراءات البصرية.
7- اطلب مساعدة مختص
إذا لاحظت أن الضجيج يؤثر على حياتك اليومية، فقد يكون من المفيد استشارة طبيب أو أخصائي تغذية. في بعض الحالات، قد تكون الأدوية خيارًا مؤقتًا، ولكن يجب استخدامها تحت إشراف طبي صارم.