المحتويات
ظل برج خليفة في دبي يحتفظ بلقب أطول مبنى في العالم لأكثر من عقد، بارتفاعه الشاهق الذي بلغ 828 مترًا، لكن يبدو أن هذا التفوق قد لا يستمر طويلًا. فالمملكة العربية السعودية تسير بخطى حثيثة نحو تحقيق إنجاز هندسي عالمي عبر مشروع “برج جدة”، الذي يتوقع أن يتجاوز ارتفاعه حاجز الألف متر، ليصبح بذلك ناطحة السحاب الأعلى في تاريخ البشرية.
من الفكرة إلى التنفيذ.. كيف بدأ مشروع برج جدة؟
مشروع “برج جدة”، المعروف سابقًا باسم “برج الميل”، انطلق برؤية طموحة ضمن خطة تطوير شاملة لمدينة جدة، تهدف إلى تحويل المدينة إلى مركز حضري متكامل يجمع بين السكن والتجارة والسياحة. وقد اختير موقع البرج شمال جدة، ضمن مشروع “مدينة جدة الاقتصادية”، على مساحة تزيد عن 5.3 مليون متر مربع.
صُمم البرج ليكون متعدد الاستخدامات، ويضم وحدات سكنية فاخرة، مكاتب، فنادق عالمية، مراكز تسوق، ومرافق ترفيهية، ما يجعله رمزًا للتطور المعماري والاقتصادي في المملكة.
توقيع عالمي وراء التصميم
البرج يحمل بصمة المعماري العالمي الشهير “أدريان سميث”، الذي سبق له تصميم برج خليفة نفسه. واستلهم تصميم برج جدة من شكل زهرة صحراوية تتفتح صعودًا، ليكون منسجمًا مع بيئة المنطقة ومناخها، وليحقق أعلى معايير الاستدامة.
كما يدمج التصميم بين عناصر الحداثة والتكنولوجيا الذكية، مع الاعتماد على مصادر طاقة نظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح لتقليل البصمة الكربونية للبرج.
تقدم البناء بعد توقف طويل
بدأت أعمال البناء في برج جدة عام 2014، وتم إنجاز نحو 63 طابقًا من أصل 157 طابقًا، قبل أن يتوقف المشروع لعدة سنوات بسبب تحديات مالية وفنية. لكن مع نهاية 2023، عاد العمل إلى الموقع بزخم جديد، وتسارعت وتيرة البناء في 2025 بهدف إتمام المشروع بحلول عام 2028.
عند اكتماله، لن يكون البرج فقط الأعلى في العالم، بل سيضم كذلك أعلى منصة مراقبة، بارتفاع يزيد بنحو 180 مترًا عن منصة برج خليفة.
لماذا يُعتبر برج جدة مشروعًا مفصليًا؟
يتجاوز تأثير برج جدة الجانب المعماري، ليصبح محركًا اقتصاديًا وسياحيًا ضخمًا للمملكة. فمن المتوقع أن يجذب المشروع استثمارات تتجاوز 55 مليار ريال سعودي، وأن يخلق آلاف الوظائف، سواء خلال مرحلة البناء أو بعد تشغيله.
كما سيشكل البرج وجهة جذابة للسياح من مختلف أنحاء العالم، خاصة مع إطلالاته المباشرة على البحر الأحمر، وموقعه القريب من قلب مدينة جدة ومرافقها الحيوية.
برج المستقبل.. التكنولوجيا والابتكار في قلب التصميم
يتبنى برج جدة أحدث التقنيات الذكية في التحكم بالطاقة والإضاءة والتكييف، إلى جانب استخدام مواد عازلة للحرارة والصوت تضمن راحة السكان والزوار.
كذلك، ستعتمد أنظمته التشغيلية على تقنيات البناء المستدام، بما في ذلك استغلال الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام المياه والكهرباء، ما يجعله نموذجًا عالميًا للعمارة الذكية.
أكثر من مجرد ناطحة سحاب
برج جدة لا يُبنى فقط ليكون الأعلى، بل ليمثل تحولًا ثقافيًا واجتماعيًا في المدينة. فمن المتوقع أن يصبح مركزًا مجتمعيًا يربط بين الماضي والحاضر، ويعكس تطلعات المملكة في خلق بيئة حضرية متطورة تدمج الثقافة المحلية بالحداثة العالمية.
ماذا بعد برج جدة؟ السعودية تواصل الطموح
اللافت أن المملكة لا تضع حدًا لطموحها عند برج جدة، بل تخطط أيضًا لإنشاء “برج رايز”، الذي تشير بعض التسريبات إلى أنه قد يتجاوز برج جدة في الارتفاع مستقبلاً.
هل نشهد ولادة أيقونة معمارية جديدة؟
كل المؤشرات تدل على أن برج جدة سيكون علامة فارقة في عالم ناطحات السحاب، ومثالاً على القدرة السعودية على تحويل الطموحات إلى واقع ملموس. ومع اقتراب لحظة التتويج، قد يكون برج خليفة على وشك تسليم تاجه إلى مشروع سعودي وُلد من قلب الصحراء، ليحلّق في السماء.