المحتويات
أطلق صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الطاقة، التشغيل الرسمي لأول وحدة اختبار لتقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة (DAC)، وذلك بعد الانتهاء من تركيبها داخل مرافق مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) في العاصمة الرياض، بالتعاون مع شركة كلايموركس السويسرية الرائدة في هذا المجال.
وقد بدأت الوحدة المتنقلة عملها الفعلي في التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء المحيط، مما يؤكد كفاءة هذه التقنية حتى في البيئات التي تتسم بدرجات حرارة مرتفعة ورطوبة منخفضة، مثل تلك السائدة في المملكة العربية السعودية.
ريادة سعودية في تطبيق الاقتصاد الدائري ل التقاط الكربون
يعكس تشغيل هذه الوحدة التزام المملكة بقيادة جهود الاقتصاد الدائري للكربون، من خلال تطوير وتطبيق أحدث التقنيات التي تسهم في الحد من الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، وخططها الوطنية الرامية إلى تحقيق الحياد الصفري للانبعاثات الكربونية.
ويمثل هذا الإنجاز خطوة نوعية ضمن جهود المملكة لتقييم أداء تقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة تحت ظروف مناخية قاسية ومختلفة عن تلك التي اعتادت هذه التقنية العمل بها سابقًا، مثل مناخ أيسلندا البارد.
ومن المتوقع أن توفر التجربة رؤى تقنية واقتصادية مهمة حول إمكانية نشر هذه التقنية في مواقع متعددة داخل المملكة، أو حتى في مناطق أخرى حول العالم تتشابه من حيث الطبيعة المناخية.

مركز كابسارك شريك علمي واستراتيجي
جاء اختيار مركز كابسارك لاستضافة هذه التجربة بصفته أحد المراكز البحثية المتخصصة والرائدة في قطاع الطاقة على المستوى الوطني والدولي، حيث يتمتع بخبرة واسعة في نمذجة سياسات المناخ، وتحليل الجدوى التقنية والاقتصادية لحلول إزالة الكربون.
ويمتلك المركز رصيدًا علميًا متقدمًا في مجال التقاط الكربون وتخزينه واستخدامه (CCUS)، مما يجعله شريكًا مثاليًا في تنفيذ هذه التجربة، التي تمثل امتدادًا لدوره في تطوير استراتيجيات المناخ بالمملكة، ودعم السياسات الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة وتحقيق الاستدامة البيئية.
جزء من مبادرة وطنية كبرى لدراسة جدوى التقنيات منخفضة الكربون
تركيب الوحدة جاء ضمن إطار دراسة جدوى موسعة تم تدشينها بموجب مذكرة تفاهم وُقّعت خلال منتدى مبادرة السعودية الخضراء في ديسمبر 2024، وتهدف هذه الدراسة إلى توسيع نطاق استخدام تقنيات التقاط الكربون من الهواء مباشرة، مع التركيز على دعم سلسلة الإمداد المحلية وتوطين المكونات التقنية الأساسية، ما يعزز من قدرة المملكة على امتلاك تقنيات خفض الانبعاثات محليًا.
وتُظهر هذه الخطوة الإمكانات الاقتصادية والتقنية للمملكة، التي تتمتع ببنية تحتية عالمية المستوى، ومصادر طاقة متجددة وفيرة، وموقع جغرافي إستراتيجي يؤهلها لأن تكون مركزًا عالميًا لتطبيق هذه التقنية على نطاق صناعي واسع وبتكاليف مجدية.
طموحات مستقبلية لتحقيق الحياد الصفري وخفض الانبعاثات
نجاح هذه التجربة يفتح الباب أمام توسيع نطاق استخدام تقنيات DAC، ضمن خطة وطنية تهدف إلى التقاط واستخدام ما يصل إلى 44 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2035، عبر إنشاء مراكز ضخمة لاحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه في كل من المنطقة الشرقية والغربية.
وتهدف هذه المراكز إلى تجميع الانبعاثات الصناعية وتحويل الكربون إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية، بما يدعم التحول الصناعي منخفض الكربون، ويعزز التنويع الاقتصادي في المملكة، ويُظهر بوضوح التوجه نحو بناء اقتصاد مستدام وابتكاري.
وتواصل الدراسة الحالية تقييم قابلية توطين المواد والمكونات المستخدمة في تقنيات التقاط الكربون، في إطار دعم الابتكار الصناعي المحلي، وتأسيس سلسلة إمداد وطنية قادرة على دعم التحول التقني والمناخي في المملكة.