شهدت المملكة العربية السعودية نموًا لافتًا في قطاع صناعة الملح – المعروف بـ”الذهب الأبيض” – حيث بلغت قيمة الإنتاج المحلي حتى منتصف العام الجاري 2025 نحو 3.7 مليار ريال سعودي، في مؤشر واضح على الدعم الحكومي المتواصل لهذا القطاع الحيوي، ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 لتنمية قطاع التعدين وتحفيز الصناعات الوطنية.
الذهب الأبيض
وأوضحت وزارة الصناعة والثروة المعدنية أن 27 مصنعًا وطنيًا ساهموا في إنتاج الملح الخام متعدد الاستخدامات، الذي تم تصديره إلى عدد من الأسواق الإقليمية والدولية، من أبرزها: الإمارات، البحرين، السودان، الصومال، الأردن، الكويت، اليمن، اليونان، جيبوتي، سلطنة عمان، قطر، ليبيا، ماليزيا، موريتانيا، وإندونيسيا، بإجمالي صادرات تجاوزت 18 مليون ريال خلال الفترة من عام 2024 وحتى النصف الأول من عام 2025.
موارد طبيعية استراتيجية
تتركز المخازن الطبيعية للملح في السبخات الملحية المحاذية لساحل الخليج العربي، وتحديدًا في المنطقة الشرقية، الممتدة من محافظة الخفجي شمالًا حتى ميناء العقير في الأحساء، والتي تضم أهم وأقدم مواقع الإنتاج، أبرزها سبخة رأس القرية في محافظة بقيق، على بُعد 4 كيلومترات من البحر، حيث يُستخرج الملح الطبيعي عالي النقاوة، الذي يمتد في باطن الأرض إلى عمق يصل إلى 5 أمتار.
ويُستخرج الملح البحري خلال فصل الصيف من خلال تبخير مياه البحر ومياه الأمطار في السبخات تحت أشعة الشمس، كما يُستخرج من صخور الهاليت الغنية بكلوريد الصوديوم، أو من المناجم الطبيعية والبرك الملحية.
صناعة استراتيجية متعددة الاستخدامات
تُعد صناعة الملح من الدعائم الأساسية للصناعات التحويلية والبتروكيميائية، كما يُستخدم ملح الطعام المكرر عالي النقاوة في الصناعات الغذائية والدوائية، بينما يُوظّف الملح الخام في دعم قطاعات إنتاجية متقدمة، ويتم تحويله إلى ملح صناعي نقي بنسبة تفوق 99% من كلوريد الصوديوم.
قيادة وطنية طموحة
وأكد فهد القحطاني، المدير العام لشركة مسفر للتعدين والخدمات اللوجستية، أن المملكة تملك مخزونًا استراتيجيًا ضخمًا من الملح، مشيرًا إلى أن هذه الثروة الوطنية تمثل مرتكزًا مهمًا في العديد من التطبيقات الصناعية والغذائية والدوائية. وبيّن أن رؤية المملكة 2030 أولت قطاع التعدين أولوية بارزة، لما له من دور محوري في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.
وأشار القحطاني إلى أن السبخات الملحية توجد في عدة مناطق من المملكة، إلا أن المنطقة الشرقية تحتضن الأقدم والأكثر إنتاجًا، مثل سبخة رأس القرية، التي ساهم موقعها الجغرافي المطلّ على الخليج العربي في وفرة الملح البحري والصخري فيها، والذي تشكّل على مدى آلاف السنين بفعل تسرب مياه البحر إلى السبخات الرملية المنخفضة.