شهدت سماء مكة المكرمة اليوم، الثلاثاء، ظاهرة فلكية مهيبة عندما تعامدت الشمس للمرة الثانية هذا العام على الكعبة المشرفة، في مشهد بصري نادر يأسر الأنظار ويُجسد روعة انتظام الكون ودقة الحسابات الفلكية.
الشمس تتعامد على الكعبة
وأكدت الجمعية الفلكية بجدة في بيان رسمي أن الشمس وصلت إلى ذروتها فوق الكعبة تمامًا عند الساعة 12:27 ظهرًا بتوقيت مكة المكرمة (09:27 صباحًا بتوقيت غرينتش)، حيث بلغت زاوية ارتفاعها نحو 89.5 درجة، ما أدى إلى اختفاء الظلال بشكل شبه كامل للأجسام العمودية في صحن المطاف وساحات المسجد الحرام.
ويحدث هذا التعامد نتيجة لحركة الشمس “الظاهرية” أثناء تنقلها السنوي بين مداري السرطان والجدي، حيث تمر مرتين فوق خط عرض مكة البالغ 21.4 درجة شمالًا، الأولى في مايو، والثانية في يوليو، ما يؤدي إلى وقوع الشمس عموديًا فوق الكعبة.
الشمس تتعامد على الكعبة المشرفة
وأوضح المتحدث باسم الجمعية أن هذه الظاهرة ليست فقط مدهشة من الناحية البصرية، بل لها أهمية علمية ودينية كبيرة، إذ تمكّن المسلمين في شتى أنحاء العالم من تحديد اتجاه القبلة بدقة عالية، بمجرد تحديد موقع الشمس في السماء لحظة التعامد.
وأضاف أن هذه الطريقة، التي استخدمها المسلمون منذ قرون قبل اختراع البوصلة، ما زالت تُعد من أدق الوسائل لتحديد القبلة، خاصة في المناطق النائية التي يصعب فيها الاعتماد على الخرائط أو الأدوات الرقمية.
فرصة نادرة للعلماء
ولم تقتصر أهمية الظاهرة على الجانب الديني فحسب، بل شكّلت فرصة نادرة للعلماء وهواة الفلك لدراسة ظاهرة الانكسار الجوي وتأثير الغلاف الجوي على موقع الشمس الظاهري، كما تُستخدم في تجارب تقليدية لحساب محيط الأرض باستخدام الظلال والهندسة القديمة، وهي طريقة ارتبطت تاريخيًا بعلماء مثل إراتوستينس.
وشهد الزوّار والمعتمرون في الحرم المكي لحظة التعامد باهتمام وانبهار، حيث بدت الأعمدة والأجسام القائمة بلا ظلال تقريبًا، في مشهد جمع بين جمال الطبيعة ودقة السماء، ليمنح هذا الحدث الجميع لحظة تأمل فريدة في عظمة الخالق ونظام الكون المتقن.