بقلم: أسماء العيدروس
التربية ليست سُلطة… بل بوصلة .
دخل عليه فجأة، فوجده يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وما إن لمح والده حتى سارع إلى إغلاق الصفحة.
لكن الأب لم يصرخ، ولم يستجوب، ولم يفتح باب الشك.
توقّف عند الباب، وقال بنبرة هادئة لكنها حازمة:
“إن أخفيت شيئًا عن عيني، فاعلم أنك لا تخفيه عن الله… الذي يعلم كل شيء.”
ثم ابتسم و سأله:
“ذاهب إلى المسجد… هل ترافقني؟”
ورحل.
لم تكن هناك مواجهة، ولا تأنيب، بل كانت هناك رسالة أعمق من العتاب، وأبقى من التوبيخ .
كثير من الآباء والأمهات، تكون ردود أفعالهم أمام الشك أو الخوف هجومًا.
لكن في الحقيقة، أقوى التأثيرات تنبع من ردات فعل واعية، ناضجة، لا من قلق مضطرب.
ذلك الأب لم يختر الانفعال، بل اختار أن يزرع مبدأ لا أن يشعل أزمة.
اختار أن يكون بوصلة هادئة، لا كاميرا مراقبة.
أن يخلق مساحة أمان، لا ساحة معركة.
فالخطأ وارد… من الأبناء ومن المربين على حد سواء.
لكن ردّ الفعل هو الذي يُربّي…
هو الذي يبني القلوب، أو يهدمها.
هو الذي يزرع الوعي، أو الخوف.
لا تعلّمه كيف يُخفي… بل علّمه كيف يُواجه.
علّمه أن يختار، وأن يعود، وأن يُخطئ بلا خوف، ثم يصحّح بثقة.
ربِّهِ على المبدأ… لا على ردة الفعل.
التربية ليست توفير جوال حديث، أو رحلة، أو لباس،أو طعام أو معدل دراسي مرتفع…
بل هي بناء الإنسان من الداخل:
بناء ضمير، وبوصلة يعود اليها، ومبادئ لا تنهار مع أول صدمة.
ابنك لا يحتاج رقابتك طوال الوقت…
بل يحتاج أن تبني فيه شيئًا يعود إليه
حين تغيب ، حين يحتار، حين يخطئ، وحين يكبر.
بوصلة تعاملك مع أبنائك هي التي تحدد:
هل سيخافون منك… أم يثقون بك؟