المحتويات
يشهد قطاع توصيل الطعام عبر الإنترنت في المملكة العربية السعودية نموًا استثنائيًا، مدفوعًا بتغير أنماط الاستهلاك وزيادة الاعتماد على الخدمات الرقمية، حيث بلغ حجم السوق 1.66 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وفقًا لأحدث تقارير مجموعة IMARC العالمية.
ومن المتوقع أن يصل إلى 5.71 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يقدر بـ 13.68% خلال الفترة بين 2025 و2033.
يرتكز هذا النمو المتسارع على عدة عوامل رئيسية، في مقدمتها زيادة استخدام الهواتف الذكية والإنترنت، وارتفاع الطلب على الحلول المريحة والسريعة. وتتصدر تطبيقات الهواتف الذكية المشهد، إذ توفّر للمستخدمين تجربة سلسة تشمل التتبع اللحظي للطلبات، والدفع بدون تلامس.
ويُعتبر الجيل زد (Gen Z)، المعروف بحبه للتقنية وسرعة الحياة، المحرك الأبرز لهذا الاتجاه، حيث يفضل هذا الجيل خيارات الطعام المتنوعة والمرنة التي تتناسب مع نمط حياتهم المتسارع.
تحولات في الذوق العام والتوجه نحو الصحة
بالتوازي مع زيادة الطلب، يشهد السوق تحولًا في تفضيلات المستهلكين، إذ يزداد الإقبال على الوجبات الصحية مثل الأطعمة النباتية، والخالية من الغلوتين، ومنخفضة السعرات. واستجابت المنصات لهذا التحول من خلال توفير معلومات غذائية واضحة وخيارات قائمة قابلة للتخصيص.
وفي ظل ارتفاع الدخل وتوسع المدن، أصبحت الراحة أحد المحركات الأساسية لإنفاق المستهلك، مما يعزز من مكانة المنصات الكبرى التي تجمع بين المطاعم المحلية والعالمية وتوفر عروضًا تناسب مختلف الأذواق.
دخلت تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات بقوة في مشهد توصيل الطعام، حيث تُستخدم لتقديم توصيات مخصصة وتحسين كفاءة التوصيل عبر تحديد المسارات الأسرع وتقصير أوقات الانتظار. كما تشهد المطابخ السحابية (Cloud Kitchens) انتشارًا واسعًا، مما يُمكّن العلامات المحلية مثل “الكبسة” و”الشاورما” من التوسع بأقل التكاليف.
منافسة شرسة ونماذج مبتكرة
تشهد السوق منافسة حادة بين اللاعبين المحليين مثل Hunger Station وJahez، والمنصات العالمية مثل Uber Eats وTalabat. ولكل منها ميزات تنافسية، من تخصصات مطبخية مميزة إلى خطط اشتراك مرنة للوجبات.
كما يشهد السوق صعود ما يُعرف بـ “التجارة السريعة” (Quick Commerce)، حيث تعد بعض الخدمات بتوصيل الطلبات خلال 10 إلى 15 دقيقة فقط، مع تنامٍ في سوق توصيل البقالة أيضًا.
تحديات مستقبلية وتوجهات نحو الاندماج
ورغم هذا الزخم، لا تزال هناك تحديات مثل اللوائح التنظيمية الصارمة ومخاوف جودة الطعام، ما يدفع الشركات إلى الاستثمار في سلاسل إمداد قوية وأنظمة رقابة دقيقة.
ومن المرجح أن يشهد السوق اندماجات بين الشركات الصغيرة للحفاظ على تنافسيتها واستدامة الابتكار في ظل هذا السباق المتسارع.
يمثل هذا النمو المتسارع في سوق توصيل الطعام الرقمي علامة واضحة على تحول عميق في سلوك المستهلك السعودي، مع اندماج التكنولوجيا في تفاصيل الحياة اليومية، وتزايد الرغبة في الراحة والتنوع الغذائي. ومع استمرار الاستثمار والابتكار، من المنتظر أن يتحول هذا القطاع إلى أحد أهم ركائز الاقتصاد الرقمي في المملكة خلال العقد القادم.