في مساء هادئ من ليالي مدينة مكة المكرمة، قررنا في مقهى روشن أن نخوض تجربة فريدة مع الشريك الأدبي الذي طالما سمعنا عنه كملتقى للعقول والأرواح الباحثة عن الجمال لإتاحة فرصة اللقاء واحتساء القهوة بصحبة الأجناس الأدبية من شعر ونثر وغيرها لكسر روتين ارتياد المقاهي والخروج عن المألوف والبحث عن مكان يحمل شيئًا من الإلهام والدفء وجميل الكلام.
“روشن” لم يكن مجرد كافيه بل كان مسرحًا صغيرًا لأرواحنا الكاتبة، ومساحة نادرة حيث يتقاطع الأدب مع الحياة، وتصبح القهوة حبرًا آخر نكتب به على صفحات الذكريات.
في إطار السعي لتجديد بيئة العمل الإبداعي والخروج من النمط التقليدي، تم التنسيق مع الشريك الأدبي – منصة/مبادرة أدبية تهتم بصناعة الأدب بجميع أجناسه، في دورته الثالثة 2023/2024 لزيارة “روشن كافيه” الواقع في أحد الأحياء المركزية بمدينة مكة المكرمة، حيث جاء الاختيار بناءً على سمعته الطيبة كمكان يجمع بين الأجواء الراقية والهدوء الملائم لممارسة الأنشطة الأدبية والتغذية الروحية والفكرية.
وزاد من تميز روشن تصميمه الداخلي الأنيق، مما أضفى على الجلسة طابعًا من الراحة الذهنية والاستقرار النفسي.
كما أبدى فريق العمل احترافية في الاستقبال وتقديم الخدمة، الأمر الذي عزز من جودة التجربة بشكل عام في الدورة الثالثة 2023/2024.
وتم تجديد الشراكة للدورة الرابعة 2024 / 2025 ما بين مقهى روشن بمكة مع الشريك الأدبي، لا سيما بعد حصول روشن على المركز الثالث لفئة ج في دورته الثالثة. واستمرت مدة الشراكة 9 أشهر ابتداءً من منتصف سبتمبر 2024 إلى منتصف مايو 2025، في إطار دعم الحراك الثقافي وتوفير مساحات مجتمعية تدمج بين الأدب والحوار، تم إطلاق شراكة نوعية بين مقهى روشن، أحد أبرز المقاهي الثقافية في مكة، والشريك الأدبي، الذي يسعى إلى بناء مجتمع أدبي واعٍ ومبدع.
تهدف الشراكة إلى تحويل المقهى من مساحة تقليدية لتناول القهوة، إلى منصة تفاعلية للحوار والقراءة والإبداع، وتعزيز الحضور الأدبي في الأماكن العامة، كما انه يهدف إلى دعم المواهب الشابة من الكُتّاب والشعراء والمبدعين، وتقديم جلسات أدبية مفتوحة للنقاش والقراءة، لجذب جمهور جديد للثقافة بأسلوب غير تقليدي.
وانطلقت الفعاليات واحتوت على العديد من النشاطات شملت جلسات قراءة نصوص مختارة من الأدب العربي والعالمي، ومبادرات للقراءة الناقدة والكتابة التحليلية في المؤسسات التعليمية وخصصت فعاليات داخلية لروّاد المقهى للكتابة والقراءة، ونقاشات ومواضيع أدبية وفكرية وعرض مؤلفات محلية وخارجية لكتّاب شباب وتوفير مساحة توقيع كتب، إضافةً إلى استضافة مؤلفين للتوقيع والنقاش مع الجمهور.
وكان لهذا النشاط الملموس بالغ الأثر وعظيم التفاعل، حيث تمثل ذلك في زيادة ملحوظة في عدد الزوار خلال الفعالية، مصحوبةً بمشاركة متنوعة من الكُتّاب والقرّاء والمهتمين، من مختلف الأعمار، كما أن حسابات التواصل شهدت تفاعلًا ملموسًا وبناء رقميًا مشهودًا مع حسابات المقهى والشريك الأدبي، كل هذه التوجهات ساعدت في خلق بيئة محفزة على النقاش وتبادل الأفكار بين روّاد المكان.
لذلك كان من التوصيات المستقبلية لهذه الشراكة تكرار التجربة للموسم الخامس 2025/2026، وتوسيع الشراكات لتشمل ورش عمل وجلسات تدريبية للكتابة الإبداعية ودعم الشراكات المجتمعية مع بعض المؤسسات الحكومية والتعلمية، وتوسيع دائرة الدعم لنشر المحتوى الرقمي لتوثيق هذه الفعاليات، وزيادة دعوة الضيوف المتخصصين في النقد أو النشر لإثراء اللقاءات الأدبية خاصة زوار مكة المكرمة من خارج السعودية.
واختتم القول بأن تجربة الشراكة بين مقهى روشن والشريك الأدبي أثبتت أن الفضاءات العامة قادرة على لعب دور محوري في إثراء الثقافة، وتحفيز الحراك الأدبي في المجتمع، وكانت التجربة مزيجًا فريدًا من البساطة والعمق، حيث تلاقت القهوة مع الكلمة، واللحظة اليومية مع الأثر المستدام.