شهد قطاع البناء والتشييد في منطقة المدينة المنورة تطورًا ملحوظًا على مدى السنوات الخمس الماضية، حيث سجل نموًا مطردًا في عدد ممارسي الأنشطة العاملة ضمن هذا القطاع بمعدل توسع بلغ حوالي 19.5% سنويًا، ووصل إجمالي الأنشطة المرتبطة بالقطاع إلى 32,697 نشاطًا، تحت مظلة 13,608 سجلات تجارية بنهاية عام 2024، مما يُبرز الديناميكية المستمرة التي يتمتع بها هذا القطاع.
ووفقًا لتقرير اقتصادي حديث صادر عن غرفة المدينة المنورة، أظهرت مؤشرات الأداء الاقتصادي المتعلقة بالقطاع زيادةً ملحوظة في وتيرة النمو، وأشار التقرير إلى أن معدل نمو أنشطة قطاع البناء والتشييد، استنادًا إلى السجلات التجارية لعام 2024، وصل إلى 25.6% مقارنة بالعام السابق، فيما حقق القطاع إجمالًا نموًا بنسبة 11% في نشاطه العام. تعكس هذه الأرقام التحول الجوهري في مجال المقاولات بالمنطقة، حيث يواصل جذب المستثمرين بفضل المناخ الاقتصادي المشجع والمتاح فيه.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن قطاع البناء والتشييد يُعتبر أحد المحركات الاقتصادية الأساسية في منطقة المدينة المنورة، إذ يعكس الاحتياجات المتزايدة والطلب المتنامي على المشاريع العمرانية والتطوير العقاري، ويلعب هذا القطاع دورًا رئيسيًا في تعزيز مشاريع البنية التحتية والاستثمار العقاري، كما يتميز بمرونة عالية من حيث الاستجابة للعروض والطلبات المتنامية. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد العاملين في القطاع قد ازداد بشكل لافت، إذ يستحوذ القطاع على ما يزيد عن 24% من إجمالي العمالة في المنطقة، مما يجعله أكبر قطاع اقتصادي في توظيف اليد العاملة.
وأرجع التقرير هذا النمو اللافت في معدلات العمالة إلى الزخم الذي أحدثته المشاريع الكبرى المرتبطة بخطط التوسع العمراني الإقليمية، إضافة إلى تسارع وتيرة تنفيذ المشاريع الحكومية والخاصة، ومن بين أبرز الأنشطة الاستثمارية الواعدة التي يحظى بها هذا القطاع: مشاريع الإسكان المدعومة من المبادرات الحكومية، ومشاريع تطوير البنية التحتية، والمشروعات الخاصة بالمواصلات، إضافة إلى برامج التنمية التي تشمل المرافق السياحية والفنادق.
أكد التقرير أيضًا على إمكانيات نموّ القطاع وتوسعه من خلال زيادة الإنتاجية وتوسيع الأعمال في مشاريع الإسكان ومرافق البنية التحتية، إلى جانب الانتعاش الملحوظ الذي يشهده قطاع السياحة، وقد اعتُبرت هذه العوامل مجتمعة محفزات رئيسية للطلب المتزايد على قطاع البناء والتشييد. كما تناول التقرير الدور الفاعل الذي تؤديه لجنة المقاولين بغرفة المدينة المنورة في دعم القطاع من خلال تقديم مبادرات متنوعة مثل تأهيل المقاولين المحترفين، تنظيم ورش العمل المتخصصة، وتعزيز التعاون مع الجهات التشريعية والتمويلية لمعالجة التحديات اللوجستية والتنظيمية التي قد تواجه القطاع، ويتضمن الدعم المقدم أيضًا استضافة الوفود التجارية لتبادل الخبرات وعرض التجارب الناجحة، وذلك بهدف تمكين مزاولي الأنشطة في هذا المجال وضمان استمرارية نمو القطاع الذي يُعد أحد أعمدة الاقتصاد الوطني الحيوي.