في قصة تبدو وكأنها مشهد من فيلم رعب بيئي، أطلق مسؤولو الصحة في بريطانيا تحذيراً مثيراً للقلق بعد اكتشاف فيروس نادر وخطير في البعوض المحلي لأول مرة في تاريخ البلاد.
الفيروس، المعروف باسم “غرب النيل”، والذي ظل لعقود محصوراً في مناطق مثل إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، ظهر فجأة في مستنقعات نوتنغهامشير بإنجلترا، ما أثار مخاوف من إمكانية انتقاله إلى البشر.
لكن ما هو فيروس غرب النيل؟
في الأصل، ينتقل هذا الفيروس بين الطيور عن طريق لسعات البعوض، لكنه في بعض الحالات النادرة قد يُصيب البشر أيضاً. والأخطر من ذلك أن بعض الإصابات تتحول إلى ما يُعرف بـمرض غرب النيل العصبي، الذي يهاجم الدماغ ويتسبب في التهاب حاد، نوبات، شلل وحتى غيبوبة. ونسبة الوفيات بين الحالات الشديدة قد تصل إلى 15%.
ورغم تأكيد وكالة الأمن الصحي البريطانية (UKHSA) أن الخطر على الجمهور لا يزال “منخفضاً جداً”، إلا أن اكتشاف الفيروس في نوع من البعوض البريطاني المعروف باسم Aedes vexans يمثل تحوّلاً مقلقاً في خريطة الأوبئة، خاصة مع تغيرات المناخ التي تسهّل انتقال الأمراض المدارية إلى أوروبا.
العين على المناخ
صرّح الدكتور “آران فولي”، الخبير في الفيروسات المنقولة عن طريق الحشرات، قائلاً: “رصد الفيروس في بريطانيا يعكس تغيراً مقلقاً بفعل المناخ، ويؤكد أننا بحاجة لرقابة مستمرة واستعداد طويل الأمد”.
وفي التفاصيل، تم الكشف عن الفيروس في بعوضتين جُمعتا من ضفاف نهر Idle قرب قرية Gamston. ورغم أنه لم يتم تسجيل أي إصابات بشرية محلية حتى الآن، إلا أن بريطانيا شهدت 7 حالات إصابة بالفيروس منذ عام 2000، جميعها مرتبطة بالسفر.
من المصابين بالفيروس؟
ما يقارب 1 من كل 5 مصابين تظهر عليهم أعراض مثل الحمى والصداع وطفح جلدي يمتد إلى الرأس والأطراف، وغالباً ما تختفي الأعراض خلال أيام. لكن أقل من 1% قد يُصابون بنسخة مدمّرة من المرض، تهدد حياتهم خصوصاً الأطفال، كبار السن، ومرضى ضعف المناعة.
من القصص المؤثرة التي تسلط الضوء على خطورة الفيروس، قصة المصارع الأمريكي السابق “فابيو كاروسو”، الشهير بـThe Sicilian Slammer.
في عام 2023، وبينما كان يتعافى من عملية زراعة كلى، تعرض للدغة بعوضة حاملة للفيروس. وخلال أيام، أصيب بشلل في الجزء السفلي من جسمه وفشل تنفسي، واضطر للبقاء في العناية المركزة لأشهر، فاقداً للذاكرة ولا يستطيع التنفس دون جهاز.
ما الذي يجب على الناس فعله؟
للوقاية، ينصح الخبراء باستخدام طارد الحشرات، وارتداء ملابس طويلة في فترات نشاط البعوض، مثل ساعات الفجر والمساء. كما يُفضل التخلص من المياه الراكدة حول المنازل، لأنها البيئة المثالية لتكاثر البعوض.
يقول البروفيسور “جيمس لوغان”، خبير أمراض الحشرات: “علينا الاعتراف بأن المملكة المتحدة لم تعد محصنة ضد الأمراض المدارية”. ربما هذه الحكاية ليست مجرد خبر عابر، بل جرس إنذار ينبهنا إلى الواقع الجديد في عصر تغير المناخ وانتقال الأوبئة.