المحتويات
في لحظاته الأخيرة على سرير الإعدام، لم يكن “قاتل كازانوفا” غلين روجرز، يطلب المغفرة أو يعبر عن الندم، بل اختار أن يوجّه رسالة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب:”الرئيس ترامب، استمر في جعل أمريكا عظيمة. أنا مستعد للرحيل.”
وهكذا، بطبقته الصوتية الهادئة ورسالة ولاءه السياسي غير المتوقعة، أسدل الستار على حياة أحد أكثر السفاحين إثارة للجدل في أميركا، بعدما أُعدم بحقنة مميتة داخل سجن ولاية فلوريدا، عند الساعة السادسة و16 دقيقة مساءً.
لحظة التنفيذ استغرقت 16 دقيقة، ولم يتحرك خلالها القاتل تقريبًا، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.
لكن قصة روجرز، 62 عامًا، تتجاوز مجرد جريمة قتل وحشية. إنها قصة رجل نُسج حوله الكثير من الألغاز، وعلاقات مشبوهة وصلت حتى إلى القضية الأشهر في التاريخ الأميركي الحديث: جريمة قتل نيكول براون، زوجة لاعب كرة القدم الشهير أو.جاي. سيمبسون.
من قاتل عابر إلى “شبح” في قضيّة أو.جاي. سيمبسون
وبحسب ما نشرته صحيفة “ديلي ميل ” البريطانية لم يكن غلين روجرز مجرد قاتل عادي. في التسعينيات، تحوّل إلى ما يشبه الشبح، متنقلاً بين الولايات الأميركية، يوقع ضحاياه وغالبيتهن نساء بشعر أحمر وجسد نحيل – بعذوبة “كازانوفا”، ثم يُنهي حياتهن بطعنات متكررة.
في عام 2012، فُجرت مفاجأة من العيار الثقيل عندما بثّت شبكة “سي إن إن” وثائقيًا بعنوان “أخي السفاح”، تحدث فيه شقيق غلين، كلاي، عن احتمال تورط شقيقه في جريمة مقتل نيكول براون وصديقها رون غولدمان.
بل وذهب الوثائقي أبعد من ذلك، عندما عرض رسائل كتبها غلين من داخل زنزانته، قال فيها إن أو.جاي. سيمبسون طلب منه قتل زوجته السابقة، موضحًا أن التعليمات كانت صريحة: “قد تضطر إلى قتلها”.
غير أن هذه الادعاءات قوبلت بغضب واسع. عائلة غولدمان وصفت الوثائقي بأنه “غير مسؤول”، فيما أكدت شرطة لوس أنجلوس: “لا يوجد لدينا سبب للاعتقاد بأن روجرز متورط في الجريمة.”
لكن هذه المزاعم أضافت طبقة جديدة من الغموض إلى مسيرة قاتل بدأ حياته بجريمة، وأنهاها بإعدام قانوني، وبينهما، عشرات الضحايا المحتملين.
جريمة تينا كريبس.. بداية النهاية
السبب المباشر لإعدام روجرز هو جريمة قتل تينا ماري كريبس، وهي أم لطفلين، التقاها في أحد الحانات بولاية فلوريدا عام 1995.
رافقته إلى فندق “تامبا 8 إن”، حيث عُثر عليها بعد يومين مقتولة في حوض الاستحمام. استخدم روجرز حيلته المعتادة: سحرٌ هادئ، ابتسامة، وقصة مزيفة. بعدها يختفي تاركًا وراءه جثة وصمتًا.
لكن هذه المرة لم يفلِت، إذ وجدت الشرطة محفظة تينا في إحدى محطات التوقف، وبداخلها بصمات القاتل. وبعد مطاردة عنيفة، قُبض عليه وهو يقود سيارتها، مرتديًا شورتًا ملطخًا بدمائها.مَن هن ضحاياه؟
إلى جانب كريبس، أُدين روجرز في جريمة قتل ساندرا غالاغر في لوس أنجلوس، والتي التقاها أيضًا في حانة. قتلت خنقًا، وعُثر على جثتها متفحمة في شاحنتها بعد ساعات.
التحقيقات ربطته كذلك بضحايا أخريات، من بينهن، ليندا برايس، طُعنت حتى الموت في ولاية ميسيسيبي، آندي لو جيلز ساتون، قتلت بطريقة مماثلة بعد أيام، مارك بيترز، جندي متقاعد، وُجد ميتًا داخل كوخ يخص عائلة روجرز.
السلطات تعتقد أن عدد ضحاياه الحقيقي قد يتجاوز السبعين، رغم أنه تراجع لاحقًا عن اعترافاته السابقة.
آخر الوداع.. وصمت ما بعد الموت
في اليوم السابق للإعدام، زاره شقيقه كلود، ليودعه بكلمات مؤثرة:“هو شقيقي. أحببته رغم كل شيء. طلبت من الله أن يهديه في رحلته المقبلة.”
ثم جاءت اللحظة الأخيرة، عندما ضُخّت السموم الثلاثة في عروقه – واحدة تضعه في غيبوبة، أخرى تشل جسده، والثالثة توقف قلبه.
لكن قبل أن يلفه السكون، نطق بجملة ستكون عنوانًا لقصته العجيبة:“الرئيس ترامب، استمر في جعل أمريكا عظيمة.”
هكذا انتهت حياة “كازانوفا السفاح” الذي شغل أميركا لثلاثة عقود، لكنه سيظل محفورًا في الذاكرة ليس فقط بجرائمه، بل أيضًا بما حمله في قلبه من ظلال السياسة، والجنون، والموت.