السلامة والصحة المهنية ورؤية السعودية 2030 .. أولت المملكة العربية السعودية في إطار رؤية 2030 اهتمامًا بالغًا بقضايا السلامة والصحة المهنية، انسجامًا مع مسؤولياتها الإنسانية تجاه جميع العاملين في سوق العمل، من مختلف الجنسيات.
وحرصت المملكة على مواءمة جهودها مع المعايير والأنظمة المحلية، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها، بهدف توفير بيئات عمل آمنة وصحية.
وتسعى السعودية دومًًا إلى تطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال الحيوي، إدراكًا لأهميته في مواكبة التطور التنموي والاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده البلاد.
وفي ظل التحديات المتزايدة على مستوى العالم في ميدان السلامة والصحة المهنية، اتخذت المملكة سياسات فعالة تستهدف حماية الإنسان، والحد من حوادث وإصابات العمل، ما أسهم في تعزيز صورتها الإيجابية إقليميًا ودوليًا.
إشادة دولية
وفي هذا السياق، أشادت منظمة العمل الدولية بجهود المملكة، حيث أثنت الدكتورة رُبا جرادات، المدير الإقليمي للدول العربية في المنظمة، على الإنجازات الملموسة التي حققتها السعودية خلال الأعوام الماضية، وعلى تعاونها المثمر مع المنظمة في تطوير منظومة السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني. وقالت: “نرصد باهتمام التقدم المستمر في المملكة، والتي قطعت خطوات واسعة في الحد من الحوادث المهنية وتعزيز بيئات العمل الآمنة”.
وانطلاقًا من إيمانها بأن السلامة والصحة المهنية تمثل أولوية ومسؤولية وطنية، أصدرت المملكة العديد من الأنظمة والتشريعات الرامية إلى تحقيق الأهداف المنشودة في هذا القطاع، بما يدعم نمو الاقتصاد الوطني من خلال رفع معدلات امتثال المنشآت لتوفير بيئات عمل آمنة.
كما شملت رؤية 2030 مراجعة وتطوير الأنظمة والقوانين ذات الصلة، وكان من أبرز هذه الجهود إنشاء المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية، وصدور السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، إلى جانب سلسلة من الإصلاحات المؤسسية والتنظيمية التي طالت نظام العمل في هذا الجانب.
شهد هذا القطاع نقلة نوعية بفضل البرامج المتخصصة المرتبطة بالرؤية، والتي جاءت مواكبة للنمو الصناعي والاقتصادي الذي تعيشه المملكة.
المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية
ويهدف المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية، الذي أقره مجلس الوزراء عام 1443هـ، إلى تعزيز الحوكمة الوطنية في هذا المجال، وتحديد الأدوار بين الجهات المعنية، ومتابعة تنفيذ السياسة الوطنية، إلى جانب مراجعة الأنظمة واللوائح ذات الصلة، واقتراح التعديلات اللازمة، وإنشاء نظام وطني لمراقبة وتقييم السلامة والصحة المهنية، وتوثيق البلاغات عن الحوادث المهنية والتحقيقات المرتبطة بها.
كما يضطلع المجلس بتقديم الدعم الفني والاستشارات، واعتماد هياكل واضحة للحوكمة، وتنسيق الجهود بين الجهات الحكومية المختلفة، بما يضمن تفادي تكرار المهام وازدواجية المسؤوليات. ويشمل دوره أيضًا اعتماد المبادرات والبرامج الوطنية، وتعزيز التعاون بين أصحاب العمل والعاملين، ونشر الوعي المجتمعي بأهمية السلامة في بيئة العمل، وتنمية القدرات الوطنية في هذا القطاع الحيوي.
أما السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، التي صدرت عام 1442هـ، فتهدف إلى تحسين ظروف العمل، من خلال سياسة قابلة للتنفيذ والتطوير المستمر، بمشاركة ثلاثية من الجهات الحكومية، وأصحاب العمل، وممثلي العمال. وتركز السياسة على تقييم المخاطر ومنعها من المصدر، وبناء ثقافة وطنية ترتكز على التوعية والتدريب.
وتتضمن السياسة مجموعة من الأهداف، منها:
-
تطوير التشريعات والأنظمة ذات العلاقة.
-
إنشاء هيكل حوكمة واضح.
-
تعزيز التعاون بين أصحاب العلاقة.
-
تطوير آليات فعالة للرقابة والالتزام.
-
توفير قاعدة بيانات شاملة للإحصاءات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية.
-
قياس أثر الأنشطة الوطنية على بيئات العمل.
-
دعم التدريب والتأهيل المهني.
-
تحفيز البحث العلمي في هذا المجال.
كل هذه الجهود تأتي في إطار رؤية وطنية شاملة، تضع سلامة وصحة الإنسان في مقدمة أولوياتها، وتسعى لبناء مستقبل عمل آمن ومستدام يدعم التنمية ويعزز مكانة المملكة على الساحة الدولية.