في خطوة مهمة نحو المنافسة في سوق الإنترنت الفضائي، أطلقت شركة أمازون أول دفعة من أقمارها الصناعية ضمن مشروع “كويبر” يوم الاثنين، بهدف توفير خدمة الإنترنت عالي السرعة للمناطق النائية حول العالم.
ويُعتبر هذا الإطلاق بداية المنافسة المباشرة مع “ستارلينك”، مشروع الإنترنت الفضائي التابع لشركة سبيس إكس، التي حققت نجاحًا ملحوظًا في هذا المجال خلال السنوات الماضية.
اطلاق 27 قمرًا صناعيًا إلى المدار
انطلقت 27 قمرًا صناعيًا إلى المدار الأرضي المنخفض مساء الاثنين من قاعدة كيب كانافيرال في ولاية فلوريدا، على متن صاروخ “أطلس V” التابع لتحالف الإطلاق المشترك بين شركتي بوينغ ولوكهيد مارتن.
ويعد هذا الإطلاق جزءًا من خطة أمازون لتنفيذ مشروع “كويبر” الذي أعلنت عنه في عام 2019، والذي يهدف إلى نشر 3,236 قمرًا صناعيًا في الفضاء لتوفير خدمة الإنترنت عالي السرعة عالميًا.
وتستهدف أمازون من خلال هذا المشروع تقديم خدمات الإنترنت إلى المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية، سواء للأفراد أو الشركات أو حتى الجهات الحكومية، حيث يُتوقع أن تصل تكلفة المشروع إلى حوالي 10 مليارات دولار.
تحديات وموعد التسليم
يُواجه مشروع “كويبر” تحديًا في الالتزام بالمهلة المحددة من قبل لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية (FCC)، التي تطلب نشر نصف الكوكبة، أي 1,618 قمرًا، بحلول منتصف عام 2026. ومع التأخير الذي شهدته عمليات الإطلاق، من المتوقع أن تطلب أمازون تمديدًا لهذه المهلة.
رغم ذلك، تأمل الشركة في البدء بتقديم خدمات الإنترنت قبل نهاية العام الجاري إذا تم تأكيد نجاح الاتصال بالأقمار الصناعية.
خطة إطلاق سريعة
تعمل أمازون على تسريع وتيرة إطلاق الأقمار الصناعية، حيث أعلن توري برونو، الرئيس التنفيذي لتحالف الإطلاق (ULA)، عن خطط لإجراء خمس عمليات إطلاق إضافية لهذا العام. وتهدف هذه الخطوات إلى توفير تغطية أكبر بمجرد وصول عدد الأقمار إلى 578، لتبدأ الخدمة في بعض المناطق الشمالية والجنوبية، على أن تتوسع تدريجيًا باتجاه خط الاستواء.
منافسة شرسة مع “ستارلينك”
من خلال مشروع “كويبر”، تسعى أمازون إلى دخول سوق الإنترنت الفضائي التي تهيمن عليها حاليًا شركة سبيس إكس من خلال “ستارلينك”. على الرغم من أن سبيس إكس أطلقت مجموعتها من الأقمار الصناعية قبل عدة سنوات، إلا أن أمازون تسعى لتمويل المنافسة بشراسة عبر استفادتها من خبرتها الطويلة في منتجاتها الاستهلاكية والخدمات السحابية.
“ستارلينك” تمثل اليوم أكبر شبكة أقمار صناعية في مدار الأرض المنخفض، حيث تضم أكثر من 7,100 قمر صناعي.
وتمثل هذه الأقمار نحو 62% من جميع الأقمار الصناعية النشطة حول الأرض. كما تقوم سبيس إكس بتقديم خدمات الإنترنت للأجهزة المحمولة والمركبات الجوية والبحرية، إلى جانب تقديم نسخة عسكرية متقدمة تحت اسم “ستارشيلد”.
الفرص والتحديات المستقبلية
على الرغم من المنافسة الكبيرة، تمتلك “كويبر” فرصة كبيرة في الوصول إلى العديد من الأسواق العالمية، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر للبنية التحتية للإنترنت التقليدي. وقد يتطلع المشروع إلى تقديم الإنترنت عالي السرعة للمنازل كجزء من استراتيجيتها الكبرى، وهو السوق الذي يُتوقع أن يكون محط تركيزها في المستقبل.
بينما تتنافس كل من “ستارلينك” و”كويبر” لتحقيق الريادة في هذا السوق، تبقى ساحة الإنترنت الفضائي ميدانًا واعدًا لكل من يتطلع إلى تقديم حلول مبتكرة للاتصال في عالم يسعى بشدة للترابط والتواصل.