في بداية مشواري، دخلت تخصصي الأول ليس بدافع الشغف، بل أنه هو المسار المتاح أمامي في ذلك الوقت. لم يكن خيارًا عاطفيًا، ولم يكن هناك شيء يقودني إليه . لكنني قررت الاستمرار، ليس بدافع التسليم أو التنازل، بل من أجل إثبات قدرتي على النجاح. كنت أعلم أن الوقت ليس هو القضية الأساسية، بل ما أفعله به هو الأهم. أردت أن أُثبت لنفسي أولًا أنني قادرة على إنجاز أي شيء أضعه أمامي، بغض النظر عن الظروف.
ومع مرور الوقت، تحقق ما كنت أسعى إليه. لم يكن التخصص هو ما أطمح إليه في أعماقي، لكنه كان يتطلب مني الكثير من الصبر والإصرار. لم أكن في حالة من “الاستسلام”، بل كنت أعمل بلا توقف، وأتحدى نفسي باستمرار. ومع كل إنجاز، كان هناك شعور داخلي يخبرني أنني أستحق أكثر. كان يدفعني للبحث عن شيء يشبهني أكثر، شيء يشعل فيَّ الشغف الحقيقي.
كنت أدعو الله دائمًا، وأثق أن الوقت المناسب سيأتي. ومع مرور الأيام، تحقق ما كنت أتمناه، وأتى الوقت الذي كنت أنتظره لتحويل مساري إلى تخصص “الأنظمة”. كنت أعلم أن الله سيجعل لي من كل طريق خيرًا، وأني في النهاية سأصل إلى ما يناسبني، وما يجعلني أكثر راحة مع نفسي.
حين أتى الحلم متحققاً في تخصص “الأنظمة”. لم يكن هذا القرار عشوائيًا، بل كان نتيجة وعي داخلي بأنني بحاجة إلى أن احقق طموحي. شعرت هنا أنني بدأت أجد نفسي، وأن كل مادة كانت تحفزني وتثير عقلي بطريقة جديدة. أخيرًا، شعرت أنني في المكان الذي أحتاج أن أكون فيه، حيث بدأت أعيش وفقًا لما أؤمن به.
لقد تعلمت أن الحياة ليست عن اتخاذ الطريق الأسرع أو الأسهل، بل هي عن معرفة متى يجب أن نكمل، ومتى يجب أن نتجه إلى مسار آخر. الذكاء ليس في أن نكون دائمًا على صواب، بل في أن نكون واعين لأنفسنا، وأن نعرف متى نُعدل مسارنا لنعيش بصدق أكبر.
اليوم، لا أندم على أي قرار اتخذته في الماضي. كل خطوة كانت جزءًا من رحلتي، وكل تجربة ساهمت في بناء شخصيتي. لأن الحياة ليست في أن نكون على صواب دائمًا، بل في أن نكون صادقين مع أنفسنا في كل مرحلة من مراحلنا. وأنا اليوم ممتنة للسنوات الماضية، لأنها جعلتني امرأة قوية، صبورة، ومحاربة.