في 18 أبريل من كل عام، يحتفي المجتمع الدولي بـاليوم العالمي للتراث، الذي أقرّته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 1972، بهدف حماية التراث الإنساني والمواقع التاريخية من التدهور والاندثار.
وتُشارك المملكة العربية السعودية في هذه المناسبة العالمية لعام 2025، مُستعرضة ما حققته من منجزات نوعية في صون التراث والمحافظة عليه محليًا وعالميًا.
وبتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبدعم ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تواصل المملكة جهودها في إبراز التراث الوطني باعتباره أحد ركائز الهوية، وأساسًا تنطلق منه نحو المستقبل.
وبذلت المملكة العربية السعودية جهودًا استثنائية في الحفاظ على تراثها المادي وغير المادي، وتعزيز مكانتها كوجهة ثقافية عالمية رائدة، تماشيًا مع أهداف رؤية 2030، ومنذ انطلاق الرؤية، أولت المملكة اهتمامًا كبيرًا لحماية التراث الوطني وتطويره، حيث اتخذت خطوات ملموسة لتحقيق ذلك، منها:
– إنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم في المدينة المنورة، ليصبح منصة عالمية لعرض التاريخ والحضارة الإسلامية.
– مضاعفة عدد المواقع المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، بما يعكس غنى التراث السعودي وتنوعه.
– ترميم وتطوير المواقع الأثرية؛ لتحويلها إلى وجهات سياحية جاذبة، مثل مشروع بوابة الدرعية التاريخية، الذي يعد أحد أكبر المشاريع التراثية الطموحة.
أولا: جهود السعودية في حماية التراث المادي
نجحت المملكة في تسجيل ثمانية مواقع تراثية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، متجاوزة مستهدفات رؤية 2030 التي تهدف إلى مضاعفة العدد، وهذه المواقع هي:
1- الحِجر مدائن صالح – 2008
أول موقع سعودي مُدرج في اليونسكو، ويضم آثارًا نبطية تعود إلى حضارة الأنباط وتجارة البخور.
2- حي الطريف في الدرعية – 2010
قلب الدولة السعودية الأولى، ورمز للعمارة الطينية النجدية.
3- جدة التاريخية – 2014
بوابة الحجاز التجارية، وتشتهر بمبانيها المرجانية وطرازها الحجازي الأصيل.
4- الفنون الصخرية في حائل – 2015
نقوش تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، توثّق حياة الإنسان القديم.
5- واحة الأحساء – 2018
أكبر واحة نخيل في العالم، ونموذج للاستدامة الزراعية.
6- منطقة حِمى الثقافية بنجران –
2021
موقع يحتوي على آلاف النقوش الصخرية التي تعكس ثقافات قديمة
7- محمية عروق بني معارض -2021
أول موقع طبيعي سعودي يُدرج في اليونسكو، ويحتوي على تنوّع بيئي فريد.
8- منطقة الفاو الأثرية -2024
عاصمة مملكة كندة القديمة، شاهدة على حضارة تجارية مزدهرة.
ثانيًا: التراث غير المادي.. إرث إنساني حي
سجّلت المملكة العربية السعودية 11 عنصرًا في قوائم اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، شملت: المجلس، القهوة العربية، العرضة النجدية، المزمار، الصقارة، القط العسيري، النخلة، حرفة السدو، الخط العربي، حداء الإبل، والبن الخولاني السعودي.
ويمثل هذا التراث غير المادي إرثًا حيًا تناقلته الأجيال، ويعكس عمق الهوية والثقافة السعودية. وتبذل المملكة جهودًا مستمرة للحفاظ عليه، ضمن رؤية طموحة تعزّز حضوره عالميًا، وتربط الماضي بالحاضر من خلال حماية الموروث الشعبي وصونه للأجيال القادمة.
مشروع حصر التراث غير المادي
أطلقت هيئة التراث مشروعًا لحصر وتوثيق العناصر الثقافية غير المادية، مثل الأغاني والحرف والطقوس، بهدف حمايتها من الاندثار وتعزيز ارتباط الأجيال الشابة بها.
ويأتي هذا المشروع امتدادًا لدور الهيئة في صون التراث والمحافظة عليه، وكان من أبرز إنجازاتها في هذا السياق إدراج آلة السمسمية ضمن قائمة التراث غير المادي بالتعاون مع جمهورية مصر العربية في شهر ديسمبر الماضي.
ثالثًا: دمج المملكة التراث في خطط التنمية الشاملة
تسعى المملكة إلى دمج التراث الوطني في مسيرة التنمية الشاملة تماشياً مع رؤية 2030، من خلال تحويل المواقع الأثرية إلى مقاصد سياحية جاذبة كالعلا والدرعية، ودعم الحرف اليدوية والصناعات التقليدية مثل السدو والنقش العسيري، وتعزيز التعاون الدولي عبر شراكات استراتيجية مع منظمة اليونسكو، مما يعكس التزام المملكة الراسخ بالحفاظ على إرثها الحضاري وتجذيره في مسيرتها التنموية.