يتسأل العديد من الأشخاص دائمًا هل يفهم الحيوانات لغة البشر، واجرى العديد من الباحثون دراسات عديدة لمعرفة ما إذا كانت الحيوانات قادرة على فهم لغة البشر.
ومن بين الدراسات تجربة الحصان “هانز الذكي” في مطلع القرن العشرين والتي كشفت عن صعوبة هذا التحدي. فبالرغم من أن الحصان بدا وكأنه يفهم اللغة ويحل مسائل رياضية، إلا أن تحقيقًا مستقلًا أظهر أنه كان يستجيب لإشارات جسدية غير واعية من مدربه، دون امتلاك قدرة فعلية على الفهم أو الحساب.
رغم أن الحيوانات تمتلك القدرة على التقاط إشارات سياقية مثل لغة الجسد ونبرة الصوت، إلا أن قدرتها على فهم الكلمات أو البنى اللغوية المعقدة ما زالت مسألة محل نقاش. ومع ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن بعض الحيوانات قد تكون قادرة على استيعاب بعض عناصر اللغة البشرية، مثل معاني الكلمات الفردية وربطها بالأفعال أو الأشياء، وفقًا لموقع “Live Science”.
هل يمكن للقردة تعلم لغة البشر؟
تعتبر تجربة الغوريلا “كوكو” واحدة من أشهر التجارب في هذا المجال، حيث تعلمت حوالي 1,000 إشارة من لغة الإشارة الأمريكية (ASL)، وكانت قادرة على فهم أكثر من 2,000 كلمة إنجليزية منطوقة. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن استخدام “كوكو” للإشارات كان محدودًا ولم يصل إلى درجة الطلاقة الكاملة، كما أن بعض إشاراتها كانت غير مفهومة إلا من خلال تفسير مدربيها.
أما “كانزي”، وهو بونوبو (أحد أنواع القردة العليا) الذي عاش بين 1980 و2025، فيعد من أكثر الرئيسيات تطورًا في التواصل اللغوي. استخدم كانزي لوحة رموز لغوية تحتوي على حوالي 200 رمز للتواصل مع مدربيه، وكان قادرًا على الإشارة إلى أسماء الأشخاص، والأماكن، والأشياء، والأفعال، بالإضافة إلى التعبير عن الموافقة أو الرفض باستخدام صوتيات محددة. أظهرت الدراسات أن كانزي كان قادرًا على اتباع أوامر صوتية جديدة بدقة تصل إلى 75%، متفوقًا بذلك على طفل في عمر عامين ونصف. ومع ذلك، تظل الأبحاث غير حاسمة بشأن ما إذا كان كانزي يفهم النحو اللغوي الحقيقي، أي القدرة على ترتيب الكلمات في تراكيب ذات معنى معقد.
هل تفهم الكلاب لغة البشر؟
بخلاف معظم الحيوانات، طورت الكلاب قدرة فريدة على التفاعل مع البشر على مدى 14,000 عام من التدجين، مما جعلها حساسة بشكل خاص لنبرة الصوت والإيماءات البشرية. بعض الكلاب المتميزة، مثل “تشيسر”، أظهرت قدرة رائعة على التعلم، حيث حفظت أكثر من 1,000 كلمة وتمكنت من فهم بنية الجمل البسيطة، مثل التفريق بين “أحضر الكرة إلى الجورب” و”أحضر الجورب إلى الكرة”.
في تجربة حديثة أجراها الباحث فيديريكو روسانو عام 2024، تم اختبار 59 كلبًا باستخدام لوحات أزرار تصدر كلمات مسجلة، بعيدًا عن أي إشارات بصرية قد تؤثر على استجابتهم. أظهرت الدراسة أن الكلاب استجابت بكفاءة لكلمات مثل “الخارج” و”اللعب”، حيث توجهت نحو الباب أو أحضرت الألعاب، مما يشير إلى أنها قد تكون قادرة على فهم بعض الكلمات بدون الاعتماد على السياق البصري.
حدود فهم الحيوانات للغة
رغم هذه النتائج المشجعة، لا تزال هناك قيود على قدرة الحيوانات على تمييز الكلمات المتشابهة أو استيعاب النحو المعقد. يواصل الباحثون دراسة إمكانية استخدام الحيوانات، خاصة الكلاب، للكلمات للإشارة إلى أشياء غير موجودة أمامها أو لتكوين مفاهيم جديدة، وهي خصائص أساسية للغة البشرية.
وفي هذا الصدد، يؤكد روسانو أن هدف أبحاثه ليس إثبات قدرة الكلاب على “التحدث”، بل فهم مدى تعقيد إدراكها للكلمات. ومع تقدم البحث، قد تتضح المزيد من القدرات اللغوية لدى الحيوانات، مما قد يغير من فهمنا لقدرتها على التواصل.