بقلم: ماهر النعماني
لم يعد الإعلام مجرد وسيط لنقل الأخبار أو منصة للحوار والنقاش، بل تحول إلى قوة ناعمة تصنع التأثير وتوجه الرأي العام وتعيد تشكيل المجتمعات.
في ظل هذا التحول، باتت الحاجة ملحة لإعادة النظر في دور الإعلام، أدواته، وتحدياته، وهو ما يجعل منتدى الإعلام السعودي حدثًا مفصليًا يعكس واقع الصناعة الإعلامية ويستشرف مستقبلها.
الإعلام.. بين التحديات والتحولات
شهد الإعلام في السنوات الأخيرة تحولات متسارعة، أهمها ثورة الإعلام الرقمي التي غيرت مفهوم الاتصال الجماهيري، حيث لم يعد الجمهور مجرد متلقٍ سلبي، بل أصبح مشاركًا في إنتاج المحتوى وصناعته عبر المنصات الرقمية.
هذه التغيرات فرضت تحديات كبرى على المؤسسات الإعلامية التقليدية التي وجدت نفسها أمام اختبار صعب: إما التطوير والمواكبة، أو التراجع والانكماش.
ورغم الفرص التي أتاحتها الرقمنة، إلا أنها جلبت معها تحديات أخرى، مثل انتشار الأخبار المضللة، وضعف المحتوى الموثوق، وتراجع المعايير المهنية في ظل تدفق هائل للمعلومات دون حواجز تحريرية أو تدقيق مهني.
هذه التحديات تجعل من منتدى الإعلام السعودي منصة ضرورية لتقييم المشهد الإعلامي، وطرح حلول لمواجهة هذه الظواهر، وتعزيز دور الإعلام المهني والمسؤول.
لماذا يعد المنتدى حدثًا استثنائيًا؟
في ظل هذه التحولات، تبرز أهمية منتدى الإعلام السعودي كمنصة تجمع قادة الفكر الإعلامي، والخبراء، والمؤثرين في المجال لمناقشة قضايا العصر الرقمي، وهو ليس مجرد تجمع إعلامي، بل ورشة عمل مفتوحة ترصد التغيرات، وتقترح الحلول، وتضع تصورات جديدة لمستقبل المهنة.
ما يميز المنتدى هو تنوع محاوره، حيث يناقش موضوعات تمتد من الذكاء الاصطناعي في الإعلام إلى مستقبل الصحافة التقليدية، مرورًا بتحديات المحتوى الرقمي، وصناعة التأثير في وسائل التواصل الاجتماعي. هذا التنوع يجعله محطة أساسية لكل من يعمل في الإعلام، سواء كان صحفيًا، أو كاتب رأي، أو مسؤولًا عن منصات رقمية، أو حتى مهتمًا بتطورات الإعلام وتأثيره في المجتمعات.
السعودية.. ريادة إعلامية في قلب المشهد
لا يمكن فصل المنتدى عن الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في صناعة الإعلام بالشرق الأوسط، فالسعودية، بحكم مكانتها السياسية والاقتصادية، تمتلك أحد أكبر الأسواق الإعلامية في المنطقة، وهي اليوم في طليعة الدول التي تستثمر في تطوير المحتوى الإعلامي، وتعزيز منصاتها المحلية والعالمية.
وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية طموحة تسعى إلى بناء إعلام سعودي قوي ومؤثر يعكس واقع المملكة وإنجازاتها، ويواجه التحديات التي تفرضها بعض المنصات الإعلامية العالمية، والتي قد تفتقر إلى الحيادية في تناول قضايا المنطقة.
من هنا، يصبح المنتدى جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تطوير إعلام سعودي قادر على المنافسة، والتأثير، ونقل الصورة الحقيقية عن المملكة للعالم.
وإذا كان الإعلام السعودي يطمح اليوم إلى أن يكون قوة إقليمية مؤثرة، فإن مثل هذه الفعاليات تمثل حجر الأساس في بناء منظومة إعلامية أكثر تطورًا، وأكثر قدرة على التعبير عن واقع المملكة ومنطقتها، في عصر لا يعترف إلا بمن يمتلك أدوات التأثير ويجيد استخدامها.